المقدّسات. وليت شعري هل التفت السائل إلى أنّنا نتوجّه إلى الكعبة للصلاة كوجهة وليست بيتاً نعبده من دون الله؟ ألم يلتفت أنّ المسلمين يتبرّكون بالحجر الأسود باللمس والتقبيل والدعاء عنده ، وهم لا يعبدونه من دون الله؟
وقد ورد عن عبد الرحمن بن كثير الهاشميّ ، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنّه قال : مَرّ عمر بن الخطّاب على الحجر الأسود فقال : والله يا حَجَر ، إنّا لَنعلم أنّك حجر لا تضرّ ولا تنفع ، إلّا أنّا رأينا رسول الله صلى الله عليه وآله يحبّك فنحن نحبّك ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : كيف يا ابن الخطّاب! فَوَاللهِ لَيبعثنّه الله يوم القيامة وله لسان وشفتان ، فيشهد لِمَن وافاه ، وهو يمين الله في أرضه يبايع بها خلقه. فقال عمر : لا أبقانا الله في بلدٍ لا يكون فيه عليُّ بن أبي طالب (١).
إنّ جميع الأديان حاربت الشرك والوثنيّة ، وقد لاقى الرسل والنبيّون وأتباعهم القتل والتعذيب والاستهزاء والنفي والتشريد والسجون ، وإلصاق التهم الباطلة من تلك المجتمعات الفاسدة ، وقد تصدّى نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله وأوصياؤه لهؤلاء المشركين باللسان والقلم والسيف حتّى أظهرهم الله على المشركين.
فقام النبيّ صلى الله عليه وآله بتصحيح عقائد هؤلاء وتقويم أفكارهم ، وبذل قصارى جهده في تربيتهم على الأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة ، والاتزام بآداب الشرع وأحكامه ، حتّى خلق منهم أمّةً كان لها شرف السبق والريادة ، وحمل الرسالة وتبليغها عن الله.
وليس الإسلام لفظة يلوكها اللسان ، بل هو عقيدة كاملة في الكون والحياة ، ينبثق منها نظامٌ صالحٌ يقود الحياة تحت راية القرآن ، وظلِّ الشريعة والدخول في
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ علل الشرائع : ٤٢٦ / ح (٨).