لقد مَسَخت الذنوب والمعاصي هؤلاء المجرمين ، وكانوا أنفسهم من الحقائق الباطنيّة لأعمالهم.
قال عبد الله بن سَمُرة : كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وآله يوماً ، فقال : إنّي رأيتُ البارحة عجائبَ ، فقلنا : يا رسول الله وما رأيت؟ حدِّثْنا به فداؤك أنفسنا وأهلونا وأولادنا.
فقال صلى الله عليه وآله : رأيت رجلاً من أُمّتي أتاه ملك الموت ليقبض روحه ، فجاءَ بِرُّه بوالديه فمنعه بِرُّه. ورأيت رجلاً من أمّتي قد بُسط عليه عذاب القبر ، فجاءه وضوؤه فمنعه منه. ورأيت رجلاً من أمّتي قد احتوشته الشياطين ، فجاءه ذِكرُ الله عزّ وجلّ فنجّاه من بينهم.
ورأيت رجلاً من أمّتي يلهث عطشاً ، كلّما ورد حوضاً مُنع منه فجاءه صيام شهر رمضان فسقاه وأرواه. ورأيت رجلاً من أمّتي قد احتوشته ملائكة العذاب ، فجاءته صلاته فمنعته منهم. ورأيت رجلاً من أمّتي والنبيّون حَلقاً حلقاً ، كلّما أتى حلقة طُرِد ، فجاءه اغتساله من الجنابة فأخذ بيده فأجلسه إلى جنبي.
ورأيت رجلاً من أُمّتي بين يديه ظُلمة ومن خلفه ظلمة ، وعن يمينه ظلمة وعن شماله ظلمة ، ومن تحته ظلمة مستنقعاً في الظلمة ، فجاءه حجّه وعمرتهت فأخرجاه من الظلمة وأدخلاه النور. ورأيت رجلاً من أمّتي يكلّم المؤمنين فلا يكلّمونه ، بجاءته صلته الرحم فقالت : يا معشر المؤمنين كلّموه ، فإنّه كان واصلاً لرحمه ، فكلّمه المؤمنون وصافحوه وكان معهم.
ورأيت رجلاً من أمّتي يتّقي وهج النيران وشررها بيده ووجهه ، فجاءته صدقته فكانت ظلّاً على رأسه وستراً على وجهه. ورأيت رجلاً من أمّتي قد أخذته الزبانية من كلّ مكان ، فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فخلّصاه من بينهم وجعلاه مع ملائكة الرحمة.