الشاب : أرى رجلاً أسودَ قبيحَ المنظر وَسِخَ الثياب نتنَ الريح قد وَلِيَني الساعة وأخذ بكظمي (حنجرتي).
فقال له صلى الله عليه وآله : قل : يا من يقبل اليسير ، ويعفو عن الكثير ، إقبَلْ منّي اليسير ، واعفُ عنّي الكثير ، إنّك أنت الغفور الرحيم. فقالها الشاب.
فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله : أنظر ماذا ترى؟ قال : أرى رجلاً أبيض اللون ، حسن الوجه ، طيّب الريح ، حسن الثياب ، قد وَلِيَني ، وأرى الأسود قد تولّى عنّي.
قال له : أعِدْ. فأعاد «الدعاء» ، فقال له : ما ترى؟ قال : لست أرى الأسود ، وأرى الأبيض قد وليني. ثمّ طفى «مات» على تلك الحال (١).
وأوصي عزيز القارئ الكريم أن يقرأ ، بل يدرس «رسالة الحقوق» لسيّدنا ومولانا عليّ بن الحسين عليه السلام ، فإنّ فيها من المعارف الإلهيّة ، والمواعظ البليغة ما يحتاج إليها كلّ مسلم.
وتَلخَّص ممّا ذكرناه أنّ الخير والفيوضات والأفضال كلّها بيد الله ، فليجتهد العبد في طلبها من مظانّها ، وبالشروط ووفق سنن الأسباب والنواميس.
وأنَّ النجاة لا تُستطاع إلّا بالله رغم كون الإنسان مختاراً ، بل مأموراً بسلوك واعتماد السنن ، لأنّ هذه السنن أسباب وراءها مُسبِّب ، ولا تنفذ إلّا بمشيئة الله تبارك وتعالى.
وإنّ الذي أحسن لم يستغنِ عن عون الله ورحمته وتوفيقه ، ولو شاء الله أن يمنعه أو يسلبه التوفيق لفعل ، وإنّ المسيء المجرّئ على الله ، السادر في غيّه وبغيه وكبره وطغيانه غيرُ خارج عن قدرة الله ، وإنّ الله قادر على منعه أو أخذه أخذَ عزيز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الأمالي للمفيد : ٢٨٧ / ح ٦.