القلوب ، والسير بالإنسان إلى مراقي الكمال والإخلاص.
إنّ التكاليف العباديّة التي تقوّي أواصر العلاقة بالله تعالى وتدعو إلى الانصياع والانقياد للقانون والنظام المرسوم ممّا يعمّق المعرفة بالله ، ويرسّخ مبدأ العبوديّة له ، وذلك غاية ما تطمح إليه النفوس في تحقيق سعادتها المنشودة.
ويتلخّص ممّا ذكرناه أنّ الهداية التكوينيّة والتشريعيّة محصورتان بالله وحده لا يشاركه فيهما أحد ، وإذا قلنا : إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله أو الإمام يشرّ ، فمن حيث إنّه لا ينطق عن الهوى ، إنْ هو إلا وحي يُوحى ، أو من ناحية التسديد الإلهيّ وصفاء نفوسهم وقدسيّتها ، فتكون الهداية الصادرة منهم واقعةً في طول الهداية الإلهيّة لا في عرضها.
وحركة الإنسان إنّما تكون بين هدايتين :
الأُولى : هداية تكوينيّة قائمة على سلامة العقل ونقاء الفطرة التي تدعو إلى التوحيد والإيمان بالمعارف الحقّة.
والثانية : هي الهداية التشريعية التي لها الأثر التربويّ في رسم المناهج الحياتيّة للفرد والأُسرة والمجتمع.
نعود إلى الهداية التكوينيّة لنسلّط الأضواء على ما ورد في قضايا الفطرة والعقل :
قال تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (١).
وقبل الخوض في خضمّ مبحث العقل والفطرة نرجو إمعان النظر في هاتين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الروم : ٣٠.