والشكّ إلى عالم الثبات ، ومن عالم النَّصَب والقلق إلى عالم الراحة والهدوء والاستقرار ، وأعظم ما يُنال ذلك بالإخلاص وعبادة السرّ التي هي من حالات الصالحين.
والعلم الذي يناله هؤلاء العرفاء بالله هو من العلم الواقعي الحقيقي لا الظاهري الخاضع للاكتساب ، وقد ورد في الآثار : اتّقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور الله الذي خُلق منه (١).
قال حمّاد : سألت أبا عبد الله الصادق عليه السلام عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عزّ وجلّ ، فقال عليه السلام : أما واللهِ ما أُوتي لقمان الحكمة بحَسَبٍ ولا مالٍ ولا أهل ، ولا بسطٍ في جسم ولا جمال ، ولكنّه كان رجلاً قويّاً في أمر الله ، متورّعاً في الله ، ساكتاً سكيناً ، عميق النظر ، طويل الفكر ، حديد النظر ، مستغنٍ بالعِبَر ، لم ينم نهاراً قطّ ، ولم يره أحد من الناس على بولٍ ولا غائط ولا اغتسال ؛ لشدّة تستّره وعمق نظره ، وتحفّظه في أمره.
إلى أن قال : فتعجّبت الملائكة ، من حكمته واستحسن الرحمان منطقه ، فلمّا أمسى وأخذ مضجعه من الليل ، أنزل الله عليه الحكمة فتغشّاه بها من قرنه إلى قدمه وهو نائم ، وغطّاه بالحكمة غطاءً ، فاستيقظ وهو أحكم الناس في زمانه ، وخرج على الناس ينطق بالحكمة ويبيّنها فيها.
والحديث طويل يرجى مراجعته في تفسير القمّي في تفسير قوله تبارك وتعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّـهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ المحاسن ١ : ١٣١ / ح ١ ، بصائر الدرجات : ١٠٠ / ح ١ وص ٣٧٥ / ح ٤.