سوء الظنّ ، لقول أمير المؤمنين عليه السلام : البخلُ بالموجود سوءُ ظنٍّ بالمعبود (١).
لقد اهتمّ الإسلام اهتماماً بليغاً بسدّ حاجات الإنسان من الجوانب المادّية ، فشرّع الزكاة والخمس والكفّارات ، وندب إلى الإنفاق والصدقات ونحوها ، وبذلك يرفع مستوى أهل الحاجة من حالة الفاقة والحرمان ، ويُنزل أهل الترف والثروات الطائلة من بروجهم ، وبذلك تحدث الحالة الوسطيّة التي تضمن المسيرة المتوازنة في مجالات الحياة ، والحالة الوسطيّة لها مراتب ودرجات ولكنّها مقبولة نفسيّاً وأخلاقيّاً.
ولا يتصوّر القارئ العزيز أنّ تشريع الحقوق الماليّة سوف يسدّ حاجة كلّ ذي حاجة ، بل هناك تشريعات مهمّة في الضمان الاجتماعيّ الذي توفّره الدولة للفرد ، والتكافل الاجتماعيّ الذي يوفّره القريب لقريبه ، والجار لجاره مثلاً ، وأمّا الذي لم تصله يد المعونة والمساعدة فالحقوق الشرعيّة تكاد تسدّ تلك الحاجة ، والأهمّ من هذا أنّ الدولة مطالبة بتوفير العمل للمواطن.
إنّ الفوارق الكبيرة ممقوتة في فهم الاجتماع ، ومذاق الشرع وقد أدّت إلى غرس الأحقاد والأضغان والحسد والصراع الطبقيّ بين أبناء المجتمع الواحد ، وقد انقسم الناس إلى فئة محرومة وفئة متخومة ، وإلى فقير وغنيّ ، ومترف ومعدم ، وقويّ وضعيف ، حتّى استطاع أصحاب المبادئ الهدّامة ، وسماسرة السياسة أن يكسبوا الفقراء والمحرومين إلى صفوفهم بعد أن لوّحوا إليهم بالرغيف الموعود ، وعندماتبعهم هؤلاء اتّباعَ الفصيل أثرَ أمّه ، وبعد أن أرهقتهم المسيرة ، وملأت أسماعَهم الهتافاتُ الفوضويّة ، انتبهوا من غفلتهم ، فإذا : (أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ غرر الحكم : ٢٧.