عليكم الالتزام به كما هو الأمر بالنسبة إليهم.
(ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) فيقتل بعضكم بعضا ، وهو نقض للعهد المأخوذ عليكم. وفي التعبير ب «أنفسكم» إيحاء بأن المجتمع يمثل وحدة قائمة بذاتها ، مما يجعل الاعتداء على أيّ فرد منه اعتداء على النفس كما في قوله تعالى : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) [النور : ٦١] أي ليسلم بعضكم على بعض. (وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) أي تتعاونون فيما بينكم في تجمع عدواني لإخراج بعض الناس في مجتمعكم من ديارهم لتشردوهم ، وهذا ما يوحي بأنكم لا تلتزمون الوحدة المجتمعية القائمة على أساس التضامن والتعاون والاحترام المتبادل. (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ) ، فإذا رأيتموهم أسارى لدى جماعة أخرى من غير اليهود من أعدائكم ، فإنكم تفادونهم وتتحملون مسئولية تحريرهم منهم ، وهذا ما يوحي بالتزامكم بهم كجماعة منكم تحملون مسئوليتها الأمنية. (وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ) فقد جاء التحريم من الله في مسألة إخراجهم ، فكيف تجمعون بين العدوان الذاتي عليهم في داخل مجتمعكم ، ومفاداتهم وتحريرهم من غيركم؟! (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) مما لا ينسجم مع الالتزام الإيماني بالكتاب كله ، الذي يفرض الإيمان به في جميع أحكامه ، باعتبار أنه الوحي الصادر من الله سبحانه. (فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) مما يفرضه هذا الواقع من هزيمتكم وانقسامكم وتعرضكم للإذلال من قبل الآخرين من المسلمين وغيرهم ، عند ما تتعرضون للإخراج من دياركم أو لفرض الجزية عليكم. (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ) جزاء لانحرافكم عن الحق ، وعدوانكم على أهله بعد إقامة الحجة عليكم من خلال رسوله ورسالته. (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) فهو المطّلع عليكم في كل سركم وعلانيتكم ، والحافظ لكل نشاطاتكم ليحاسبكم عليها ويجازيكم بها. (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) فاستبدلوا