ديمقراطي ، للتدليل على ما فيه من معاني الشورى والتسامح ، ويقال إن فلانا ديمقراطي في أخلاقه بمعنى أنه متواضع ؛ ولكن الكلمة تحمل في داخلها معنى يختلف عن ذلك كله في حدوده الفكرية والتشريعية والاقتصادية ، مما يوجب اختلالا في المفهوم الأساسي ، الأمر الذي قد يتجه بالتفكير إلى غير ما نريد ، فيخلق في حياتنا ذهنية غريبة لا ترتضي التشريعات أو الأفكار التي لا تنسجم مع الاتجاه الديمقراطي للحكم والتشريع في ما تعنيه كلمة الديمقراطية ... ولهذا ، فإننا نتحفظ على مثل هذا التعبير ، ولا نرى صلاحا في استعماله في حديثنا عن الإسلام وعن المسلمين.
ويمكن لنا أن نضيف إلى هاتين الكلمتين كلمة «الاشتراكية» ، التي شاع استعمالها في أحاديثنا عن الإسلام في مفهومه لحل مشكلة الفقر وفي تشريعاته المالية ، فقد رأينا البعض يعطي الإسلام صفة الدين الاشتراكي كطريقة من طرق إعطاء الإسلام طابعا إنسانيا عادلا ، ولكن هذه الكلمة تحمل في داخلها معنى آخر يختلف مع الإسلام في حدوده التشريعية والعملية ، لأنه يلتقي باعتبار الدولة صاحبة الحق الشرعي في ملكية وسائل الإنتاج وتحديد الملكية في مصادرها ومواردها وغير ذلك مما قد لا يتفق الإسلام معه في أكثر مجالاته.
إن القضية التي نستوحيها من الآية ، هي أنّ علينا أن لا نفسح في المجال لاستغلال الكلمة
في غير مدلولها الذي نؤمن به ، حتى لو كان المدلول المضاد مرتبطا بها من خلال لغة أخرى أو عرف آخر ، أو أجواء معينة تضفي عليها طابعا خاصا ، كما في كلمة السلام أو «أنصار السلام» ، التي حملت جوّا حزبيا يوحي بالانتماء إلى بعض المبادئ على أساس اعتبارها مصطلحا جذابا للكسب والاستغلال الحزبي ، وإن لم يكن للكلمة هذا المعنى بحسب طبيعتها ومعناها اللغوي.
* * *