أقرب إلى خطهم في أغلب الأمور التي يؤمنون بها ، ويؤكد القرآن ـ في هذا المجال ـ أن الحق قد تبيّن لهم بأسلوب لا يرقى إليه الشك ، الأمر الذي يبطل كل حجّة مضادّة لديهم في العقيدة.
ثم أراد الله للمسلمين أن يعفوا ويصفحوا ، وذلك من موقع التخطيط العملي الذي يعتمد على سياسة المراحل في حركة القوة ، فلا يمارس القوة إلا بعد استنفاد الوسائل السلمية التي تفتح للكافرين والمعارضين باب الدخول في الإيمان والسير في خط السلم ، وعرّفهم أن عليهم أن لا يتشنجوا ويستسلموا للانفعال النفسي المنطلق من الرغبة في التدمير على أساس ما يملكون من قوّة ، فإن للقضية حدا لا بد أن تبلغه ، وذلك عند ما يأتي الله بأمره في تشريع القتال ، سواء في ذلك المشركون وأهل الكتاب ، فإنّ الله لا يفوته أحد مهما امتدّ في قوّته وطغيانه لأنه على كل شيء قدير.
(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) من الذين لم ينفتحوا على الرسالة من موقع الإيمان ، ولم يعملوا على مواجهة الوحي بذهنية الحوار ، ولم يرتاحوا إلى الدين الجديد الذي لا يبقى معه مجال لدين آخر سابق ، باعتبار أنه الدين الذي يجمع خلاصة الأديان السابقة ويزيد عليها بما يحقق للحياة المتجددة الحل للمشاكل الطارئة التي اقتضاها تغيّر الزمن وتطوّره ، والذي يضع حلولا جديدة للمشاكل السابقة التي لم يعد الحل الموضوع لها متناسبا مع مرور الزمن ، الأمر الذي يفرض تغييرها إلى الأفضل ، وهذا ما يؤدي إلى زوال سلطانهم وتأثيرهم على المجتمعات ، باعتبار أنهم من أهل الكتاب الذين هم المرجع للناس الذين يلتزمون الدين ممن يؤمنون بالله ، ليعودوا إليهم في كل ما يجهلونه من أمور الدين الذي يملك هؤلاء علمه. وهذا ما جعلهم يفكرون (لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً) لتعودوا إلى الشرك الذي كنتم فيه ، لأن المسألة لديهم لا تنطلق من التزامهم الواقعي بالإيمان بالله وبالرسالات وبالرسل مما يدعو إليه الإسلام ويؤمن به المسلمون ، ليكون الإيمان أقرب