والبركة والأمن والطمأنينة والخلاص من كيد الظالمين ، من الطغاة والفراعنة ، بعيدا عن كل ذلّ وامتهان.
إنها الدعوة إلى التذكر الواعي المنطلق من دراسة الماضي والحاضر ، في واقع النعمة بجميع أشكالها وألوانها وأوضاعها التي جعلت حياتهم منفتحة على الخير ، في كل شؤونهم ، وعلى الرفعة الاجتماعية في كل مظاهرها.
(يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) ولا تغفلوا عنها كما يعيش الناس الغفلة عن الواقع من خلال استغراقهم فيه ، فلا يتحسسونه بشكل واع ، لتتعرفوا من خلال ذلك الامتيازات الحياتية التي منحكم الله إياها ، (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) بالنعمة التي قد تتحول إلى تفضيل بالقيمة ، إذا أخذتم بأسباب الاستقامة في خط الله على أساس التقوى.
وفي ضوء ذلك ، نفهم أن التفضيل ليس تفضيلا طبقيا يمنحهم القيمة الذاتية التي يشعرون معها بالعلو على الناس ، بل هو تفضيل النعمة بما أغدقه الله عليهم من ألطافه وفيوضاته ، مما يستوجب الشكر والطاعة والتقوى. ولعل هذا الجو الذي يريد القرآن الكريم أن يضع التفضيل فيه في موقع النعمة ، هو الذي جعل الآية الثانية تمثل الدعوة إلى التقوى والخوف من اليوم الآخر ، الذي يقف فيه كل إنسان أمام عمله ومسئوليته ، ليواجه مصيره بعيدا عن كل الامتيازات الطبقية والعائلية ، وعن كل البدائل التي يمكن أن يفكر بها الإنسان في التخلص من مسئوليته ... إنه الموقف الذي يحس الإنسان فيه بإنسانيته في مسارها الروحي والعملي عند ما تلتقي بالله ، ليعرف أنها طريق الخلاص الوحيد.
وربما كان في هذه الآية بعض الإيحاء إلى هؤلاء اليهود الذين عاشوا في زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ممن وقفوا ضد الرسالة ، بأنّ عليهم أن ينسجموا مع خط الدعوة الجديدة ، باعتبارها مظهرا للتقوى والانقياد إلى الله ، كونها تمثل إرادته