الحقيقية الأخيرة في خط الرسالات.
وهذا ما نستوحيه من الآية : (وَاتَّقُوا يَوْماً) حاسما في مسألة المصير ، وهو يوم القيامة الذي يواجه فيه الناس حساب المسؤولية عما قاموا به في الدنيا ، بعيدا عن كل الذاتيات الشخصية والعلاقات الاجتماعية (لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) ، لأن القضية لا تتصل بأية علاقة شخصية في امتيازاتها الطبقية ، مما كان الناس يتعاملون به في سلوكهم العام والخاص ، مثل قيام شخص بإبعاد العقاب عن شخص آخر ، بحيث يتخفف من ثقل المسؤولية لقرابته له ، أو لعلاقته به ؛ (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [عبس : ٣٧] ، وموقع خاص يحدد له حساباته التي لن تتعداه إلى غيره.
* * *
هل في الآخرة شفاعة؟
(وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ).
قد تستوقفنا هذه الفقرة من الآية الكريمة ، لأنها لا تعترف بوجود الشفاعة وتأثيرها في يوم القيامة ، ولا ينسجم هذا مع الفكرة الإسلامية المعروفة الثابتة في بعض الآيات الأخرى التي تتحدث عن إمكانات الشفاعة ضمن شروط معينة ، كما في قوله تعالى : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) [الأنبياء : ٢٨] وقوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) [طه : ١٠٩] وبعض الأحاديث المأثورة ـ كما في الخبر الذي تلقته الأمّة بالقبول ـ عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو قوله : «ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» (١) ، وما جاء في روايات أصحابنا رضي الله عنهم مرفوعا إلى
__________________
(١) البحار ، م : ٣ ، ج : ٨ ، باب : ٢١ ، ص : ٤٥١.