النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «إني أشفع ، يوم القيامة فأشفّع ، ويشفع عليّ فيشفّع ويشفع أهل بيتي فيشفّعون ، وإن أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع في أربعين من إخوانه ، كلّ قد استوجب النار» (١).
ولكننا نرى ـ في تحليل هذه الفقرة ـ أن الآية لا تواجه القضية من حيث المبدأ ، بل تواجهها من ناحية رفض الذهنية البشرية في الدنيا التي يواجه بها الإنسان قضية المصير في الآخرة ، من خلال العلاقات الذاتية والتمنيات الشخصية في محاولة التخلص من نتائج المسؤولية ، تماما كما هي الحال في قضايا الناس بعضهم مع بعض ، عند ما تحلّ المشكلة بقيام شخص مقام شخص ، أو بواسطته ، أو بدفع بدل مالي أو غير مالي ، ممّا يدخل في حساب التسويات الشخصية التي لا تعتمد على قاعدة عامة ، أو تعتبر مبررا للخروج عن القانون من خلال تدخل أصحاب الشفاعة من الوجهاء والرؤساء.
أمّا قضية الشفاعة كمبدإ ، فإنها تبتعد عن هذا الجو ، لتدخل في جو آخر ، حيث نلمح في القرآن والسّنّة التأكيد على وجود قواعد أساسية تحكمها ، من حيث طبيعة الأشخاص والمواقع والقضايا ، مما يجعلها لا ترتبط بالعلاقات الذاتية التي تتبع الحب الذاتي ـ كما يفهمه العامة من الناس ـ حيث يحاولون التقرب إلى الأنبياء والأولياء بالمبادرات الذاتية من النذور وغيرها ، كما يتقربون إلى الزعماء والوجهاء بالهدايا والمصانعات بالروحية نفسها ، من أجل الوصول إلى الشفاعة ، مع فارق واحد وهو الشعور بالقداسة في عالم الأولياء والأنبياء.
ولكن هذا لا يمنع أن يطلب الناس الشفاعة من الأنبياء والأولياء من موقع الطلب إلى الله بأن يجعلهم شفعاء لهم ، لقربهم من الله الذي منحهم الكرامة وأراد أن يظهر ذلك. ولا يلتقي هذا الاتجاه بمعنى الوساطة التي تقف
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ١ ، ص : ٢٢٣ ـ ٢٢٤.