وقد كان هذا الاتجاه المتحرك من موقع الأمل الكبير يشكّل خطورة على مسار العمل الإسلامي ، لأن ذلك يضيّع كثيرا من الجهود الفكرية والعملية التي يحتاج الإسلام إلى بذلها في مجال آخر نافع ، باعتبار أن إيمانهم ليس واردا في حسابهم في واقع الحال ، ولأن ذلك يسلم المسلمين إلى السذاجة الروحية ، وفقدان الحذر اللازم ، عند ما يدخل بعض اليهود في الإسلام ، فيحصلون على الثقة التي تمنحهم حرية التحرك في تخريب الإسلام من الداخل ، انطلاقا من صفة الإيمان التي حصلوا عليها ، ولأن إغفال المعرفة الحقيقية لما هم عليه ، يعطّل على المسيرة الإسلامية التحرك الفعلي ضد المخططات التي كانوا يرسمونها في الخفاء للقضاء على الإسلام والمسلمين.
وعلى ضوء ذلك ، نشعر بأن عملية تعرية الواقع الحاضر ، بعد عملية تعرية التاريخ ، ضرورة لحفظ الدعوة الإسلامية والمجتمع الإسلامي من أخطار السذاجة والتضليل ؛ وذلك بالالتفات إلى أن هداية أيّ شخص لأية فكرة تتوقف على شرط الاستعداد النفسي لتقبّل هذه الفكرة أو الإيمان بها ، وخاصة في الحالات التي يعيش فيها البساطة الذهنية والقلق الروحي إزاء معرفة المجهول ، فعندها يكون مستعدا للأخذ والرد والدخول في عمليات الحوار في مختلف الجوانب ... أمّا هؤلاء ، فقد أغلقوا نوافذ أفكارهم عن كل شيء جديد ، لأنهم لا يتعاملون مع الحق بروحية الإيمان الذي يبحث عن الفكرة ليرتبط بها ، بل بعقلية التاجر الذي يريد أن يحقق لنفسه الربح المادي الوفير من خلاله ، فإذا فقد هذه الفرصة اتجه إلى التحريف ، ليستطيع أن يحقق لنفسه رغباتها على أساس ذلك ، وهذا ما عرفوه من آيات الله في التوراة ، فقد عرفوا الحق من خلالها كأوضح ما يكون ، ولكنهم حرفوه عند ما وجدوا أنهم لا يستطيعون أن يحققوا لأنفسهم فيه مكسبا ومطمعا ذاتيا ... وفي ضوء ذلك ، لا مجال لأي تفكير أو طمع رسالي بهدايتهم أمام هذه الروح الغارقة في الضلال.