تعالى : (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً) ، حيث أقام جل شأنه الحجة الحسية على إحياء الموتى بعد تفرق أوصالهم بإحياء الطيور بعد موتها وتفرق أوصالها على النحو العجيب والاعجاز الباهر.
وأمعن النظر في البرهان المذكور في خامس عشر التكوين ليحصل العلم لابراهيم بصدق وعد الله له بأنه يرث أرض كنعان وقدرته على ذلك (٩) فقال له : خذ عجلة ثلثية ، وعنزا ثلثية ، وكبشا ثلثيا ، ويمامة وحمامة (١٠) فأخذ هذه كلها وشقها من الوسط وجعل شق كل واحد مقابل صاحبه ، وأما الطير فلم يشقه (١١) فنزلت الجوارح على الجثث فكان ابرام يزجرها.
وقل : ما ذا يفهم من مداليل هذه الفقرات من حاصل أمر الله وبرهانه على صدقه في وعده وقدرته وأي نتيجة فيها مناسبة للمقام ، أفلا تجدها حكاية بتراء لا يفهم لها أول من آخر ، ولا حاصل ولا فائدة ، أفهكذا كلام الله العليم الحكيم؟
هذا وأما ما تشبث به المتكلف «يه ١ ج ص ٢٠ س ٧» من الرواية عن قول رسول الله نحن أولى بالشك من ابراهيم ، فيكفي في ردها مخالفتها لنص الكتاب بإيمان ابراهيم في قوله تعالى : (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) فهذه الرواية كلا شيء.
وقال الله تعالى في سورة الأنبياء ٦٣ : (قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ) ٦٤ (قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ).
فقال المتكلف : «يه ١ ج ص ٢٠ س ٧» ، ورد في القرآن انه «يعني إبراهيم» كذب.
قلنا : ان قول ابراهيم بل فعله كبيرهم لم يخرج مخرج القطع والاخبار الجدي ، بل هو للتوبيخ والتبكيت إذ هو معلق على قوله إن كانوا ينطقون وحاصله توبيخ المشركين على عبادة الاصنام ، ومعناه ان أصنامكم إن كانوا ينطقون ويملكون حراكا فقد فعله كبيرهم إذ لا وجه لنسبة هذا الفعل إلى دونه