فاسأل المتكلف والمتعرب وأشباههما عن السبب في جرأتهما على رسول الله في ذلك ، فإن كان لأجل تزوجه بالمطلقة حيث منع العهد الجديد الرائج من أصل الطلاق والتزوج بالمطلقة في حجة متهافتة وتعليل عليل لا يليق بعوام الناس فضلا عن وحي الله للمسيح.
قلنا : من ذا الذي يوجب على رسول الله أن تكون أعماله وشريعته على مقتضى العهد الجديد الرائج ولا سيما في هذا الحكم الذي قد تلجلج العهد الجديد بحجته وتدافعت أقواله في نسخ مشروعيته حتى رفض تعليمه هذا عقلاء اتباعه في هذه الأعصار المتنورة فجعلوا الطلاق شريعة متبعة كما يشهد به الاحصاء ، لأجل ما وجدوه في منع الطلاق من الضرر الباهظ بنظام المدنية والاجتماع وصفاء العيش ، وانتظام أمر العائلة ، وحسن الأخلاق ، والعدل ، والحرية من أقبح القيود.
وان كان السبب هو تزوجه صلوات الله عليه بمطلقة من يدعى ابنه لأنها تكون محرمة عليه بتا وان لم يكن ابنا حقيقيا.
قلنا : من حرم ذلك؟ وفي أي شريعة جاء تحريمه هذه التوراة والعهد الجديد الرائجان وشريعة اليهود وشريعة النصارى.
فإن قالا : انه محرم بشريعة مشركي الجاهلية «قلنا» لا نضايق من يرضى لنفسه أن يتشبث بمثل هذه الواهيات ، ولكن أليس رسول الله قد جاء ليجعل شرائع الجاهلية وعاداتها الوخيمة تحت قدميه ويجري بشريعة الحق كل الامور على حقائقها. فلما ذا لا يصد المتكلف شيء مما يصد ادباء الكتاب؟ حتى كتب في هذا المقام أكثر من ثلاث مرات ان رسول الله أخذ امرأة ابنه.
هذا وإن كان السبب هو مقدمات التزويج «قلنا» لم يذكر فيها القرآن الكريم إلا قوله تعالى في سورة الاحزاب ٣٧ : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً).