عليه لهم للصواب والسداد من حيث المصلحة الجهادية ، وليس في عدمها من الفائدة إلا افتضاحهم عند رسول الله وعلمه بكذبهم في التعلل بالمعاذير ، وصدق الصادقين في الجهاد ، وفضيلتهم حيث أعدوا له عدته.
فسوق الآيات الخمس قرينة قاطعة على أن قوله تعالى (عَفَا اللهُ عَنْكَ) بنحو لا ربط له بتقدم الذنب وإنما هو جار على النحو المتعارف في التلطف والعناية في الخطاب بتصديره بنحو من الدعاء والإكرام رفعا لحزازة ما في أثنائه من صورة العتاب وصرفا لحزازته إلى من قصد به.
وبهذا تعرف ما في كلام المتكلف «يه ١ ج ص ٧٢ ـ وكذا ٧٣» حيث قال ومع ذلك فقالوا : ان الله عاتبه ولو كان الإله الحقيقي هنا لعاقبه أشد العقاب ، ففي التوراة لما أخذ عخان بعض الأشياء المحرمة ضرب الله الأمة الإسرائيلية بتمامها وسلط عليها من هزمها ، ولما كان أحد ملوك بني اسرائيل يبقى واحدا من الذين أمر الله بإعدامهم عقابا لهم على خطاياهم كان يضربه ضربة شديدة بخلاف الحال هنا فإذا اقترف محمد المنكر الذي يستوجب أشد عقاب وأنكى عذاب يعاتبه الله ويلاطفه ويراعى خاطره. فأين عدل الله وقداسته.
أقول : قد أقام المتكلف من حيث لا يشعر برهانا على براءة رسول الله هاهنا من مخالفة أمر الله أو فعل ما لا يرضاه وإلا لعاقبه أشد العقاب أفتراه يقول : ان الإله الحقيقي غير حاضر هاهنا ، وانه يشتهي ان يستهزىء بعدل الله وقداسته كما يفترى على قدس رسوله. أو كما ينسب العهد القديم إلى الله القدوس العادل امورا تنافي العدل والقداسة ويمتنع صدورها من الله جل شأنه.
«منها» ان عخان سرق من الغنيمة فغضب الله على بني اسرائيل وسلط عليهم الكفرة ونسب إليهم السرقة والخيانة مع ان المقام ينادي بأن عامة بني اسرائيل لم يكن لهم علم بذلك ليؤاخذوا بترك النهي عن المنكر ومع ذلك فاحرق عخان هو وبنيه وبناته وبهائمه وكل ما له بأمر الله تعالى الله عن ذلك ومقتضى العادة لا بد أن يكون في بنيه وبناته من هو طفل غير مكلف أو لا يعلم بالسرقة أو ضعيف لا يقدر على النهي عن المنكر فأي عدل يعاقب هؤلاء بذنب