على عصمة الرسول.
وهب ان ما ذكرناه في الآيات احتمال محض فإنه يكفي في إبطال تكلف المتكلف «يه ١ ج ص ٧٤ و ٧٥» إذ ليس في الآيات مثل صراحة العهدين بنسبة القبائح الى الأنبياء كما سمعت منه في هذه المقدمة ما تمجه الأسماع.
«آداب القضاء» قال المتكلف «يه ١ ج ص ٧٥» ونقول أيضا : انه «يعني قدس رسول الله «ص» كان جائرا في أحكامه ولما ظهر له انحرافه رجع عنه ، كما ورد في سورة النساء ١٠٦ (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً).
قال ابن عباس : نزلت هذه العبارة في رجل من الأنصار يقال له طعمة سرق درعا من جار له يقال له قتادة بن النعمان وكانت الدرع في جراب فيه دقيق فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى الى داره ثم خبأها عند رجل من اليهود يقال له زيد بن السمين فالتمست الدرع من عند طعمة فحلف بالله ما أخذها وما له به من علم فاتبع أصحاب الدرع أثر الدقيق حتى انتهى الى منزل اليهودي فأخذوها منه فقال اليهودي : دفعها الي طعمة ، وزاد في الكشاف وشهد له جماعة من اليهود وجاء بنو ظفر قوم طعمة الى محمد وسألوه ان يجادل عن صاحبهم طعمة فهمّ محمد «ص» أن يعاقب اليهودي وأن يقطع يده بلا حق وهو حرام وعلى كل حال فهو مذنب فلو لم يذنب لما استغفر ربه ولو كان نبيا لعرف الحرامي الحقيقي من أول الأمر.
أقول : هب القصة على ما زاده في الكشاف وانه ليس فيه إلا أن رسول الله همّ ان يعاقب اليهودي فنزلت عليه الآية قبل أن يفعل. فكيف يجترئ المتكلف ويقول : انه كان جائرا في أحكامه فإن هذه الكلمة تقال فيمن تكرر منه الجور في الأحكام وكان عادة له ، ثم ان الكشاف قال «وقيل انه همّ أن يقطع يد اليهودي» وهذا مشعر بأنه لم يصح هذا القول عند الكشاف فلما ذا يخون المتكلف في النقل.
وأيضا ان هذه القصة قد تلونت روايتها واضطربت اضطرابا شديدا