تصديقا لرسالته.
وأما شهادته بصدق الرسول في دعواه الرسالة فهو من المرتكزات في الأذهان كما لا يخفى ، وعليه كافة أهل الملل القائلين بالنبوات.
وانا معاشر المسلمين قد بينا وجه ارتكازه في الاذهان إذ قد أوضحنا البرهان في اصولنا على أن الله لا يظهر المعجز المذكور على يد الكاذب بدعوى الرسالة لامتناع ذلك في عادة الله بحسب حكمته وغناه وقدسه جل شأنه لان إظهار المعجز على يد الكاذب بدعوى الرسالة قبيح ، ويمتنع صدور القبيح من الله القدوس ، الغني ، الحكيم ، العليم.
وإلى الآن لم أطلع على ما عند أهل الكتاب من البرهان العقلي على ذلك ، وان الاحتجاج له بالكتاب المنسوب إلى الالهام لا يفيد شيئا وذلك لتوقف ثبوت الالهامية للكتاب على ثبوت الرسالة وهي متوقفة على معرفة الوجه لشهادة المعجز على صدق دعوى الرسالة.
على ان كتب العهدين وإن ذكرت في بعض مضامينها شهادة المعجز على الرسالة لكن في بعض مضامينها ما يعارض ذلك ويشوش بيانه ويكدر صفوه فانهما قد سميا المعجز بالآية. والقوة. والاعجوبة «انظر أقلا الى خر ٤ : ٨ و ٧ : ٣ ويو ٢ : ١١ واع ٢ : ٢٢ وعب ٢ : ٤» ومع ذلك قد نسبا صدور الآية والاعجوبة والقوة إلى الكاذبين بدعوى النبوة ، وإلى الداعي للشرك وإلى الدجال الأثيم «انظر أقلا إلى تث ١٣ : ١ و ٢ ومت ٢٤ : ٢٤ ومر ١٣ : ٢٢ و ٢ تس ٢ : ٩».
فإن قلت : ومضافا إلى ذلك قد ورد في التوراة ان سحرة مصر وعرافيها قد طرحوا عصيهم فصارت ثعابين كما فعل هارون «تك ٧ : ١١ و ١٢» وفعلوا أيضا بسحرهم مثل ما فعل هارون ، فاصعدوا الضفادع على أرض مصر «تك ٨ : ٦ و ٧».
وغاية الأمر انهم لم يقدروا أن يخرجوا البعوض من أرض مصر وان عصا هارون ابتلعت عصيهم.