ولا تحصل سكتة في عربدته وهذيانه وفواحش آثاره» فعمل لهم ستة اجران من الخمر الجيد وكان ذلك بدء الآيات منه فآمن به تلاميذه.
فينتج من كلام المتكلف هذا وكلام يوحنا وحكايته. انه لا يلزم في المعجزة ان تكون داعية الى الخير والسعادة ، بل يجوز أن تكون مضرة في الشريعة منتهكة لحرمتها مضطهدة لصلاحها داعية الى مثل فواحش السكر وشرور مجالسه المنعقدة له لتزيد في عربدته وتقوى انبعاث مفاسده وقبائحه ويقوم الهرج والمرج من تتابع السكر واستحكام آثاره المعهودة قبحها على ساق ، ولكن المتكلف ينسى أو لا يدري بما يقول وما في كتب إلهامه.
وليت شعري ما الذي يريده المتكلف من منفعة المعجزة وفائدتها أكثر من كونها مقتضية لاهتداء الخلق إلى صدق الدعوة وبر الإيمان ، وهو معنى كونها داعية إلى الخير والسعادة ، وكل ما عدده من معاجز رسول الله من كلام الحصى الى كلام الظبية يفيد باعجازه الصريح الباهر هذه الفائدة ، ويمنح ببركته هذه المنفعة على أكمل الوجوه إذ لا يحتمل فيه التصنع والتواطؤ كدعوى إحياء الميت من دون أن يبلى بالموت. وليت شعري ما الذي أراده بقوله إذ لا فائدة للإنسان منها ، أتراه يريد من فائدة المعجزة للإنسان أن تكون مثل ابقاء مجلس العرس وادامة شرب الخمر لتأخذ شدة السكر من العقول مأخذها وتؤثر حدته ما تؤثر من مفاسدها.
وعليه فأية فائدة إذا في لعن المسيح لشجرة التين حتى يبست في الحال إذ لم يجد فيها ثمرا يسد جوعه ، وهل فيها إلا الضرر على مالكها إن كانت مملوكة ، أو على الفقراء والعابرين إن كانت من المباحثات «انظر مت ٢١ : ١٨ ـ ٢٣ ومر ١١ : ١٢ ـ ٢٤».
وأية فائدة في صيرورة يد موسى برصاء ، وأية فائدة في صيرورة عصا موسى حية «انظر الى خر ٤ : ٢ و ٣ و ٦ و ٨ و ٣٠» ، وأية فائدة للإنسان في أن عصا هارون اخرجت فروخا وأزهرت زهرا وأنضجت لوزا «عد ١٧ : ٨» وأية فائدة للإنسان في تكلم اتان بلعام ومراجعته في الجواب «عد ٢٢ : ٢٨ و ٣٠». وليت المتكلف إذ كتب كتابه كان له بعض الإلمام بكتب إلهامه ، أو أنه