بل نقول ان نقل المسلمين والنصارى لمعجزات موسى إنما أصله وحقيقة مأخذه إنما هو الاعتماد على نبواتهم ، ولذا ترى المسلمين لا يعرفون من معجزات موسى إلا ما جاء في القرآن الكريم ، فينحصر حصول التواتر بنقل اليهود ، وعلى كل حال فان نقل اليهود يمكن باعتبار كثرتهم في أجيالهم أن يكون من المتواتر ما لم يمنع من ذلك مانع أو نجد فيه ما يكذبه ويشهد بعدم كونه من النقل المتواتر.
فوجهنا نظرنا الى الفحص وابتدأنا بالنظر في الموانع فوجدنا في عاشر يوحنا عن قول المسيح ما يقدح بعمومه في رسالة موسى ورعايته للأمة ويصمه بالعيب المانع من النبوة فانه بعد ما ذكر الرعاية الحميدة والاختلاس «يو ١٠ : ١ ـ ٦» قال ٧ الحق أقول لكم اني أنا باب الخراف ٨ جميع الذين أتوا قبلي هم سراق ولصوص انتهى.
إلا انه يكفي في دفع هذا المانع توقف منعه على ثبوت نبوة المسيح والعلم بأن هذا المنقول من قوله ، بل يكفي في بطلانه عجالة انه جاء في الأناجيل عن أقوال المسيح ما يناقضه في شأن موسى ، ويكفي من ذلك صراحتها بكون المسيح متبعا لشريعة موسى عاملا بالفصح وأعياد التوراة آمرا باتباع أقوال الكتبة لأنهم جلسوا على كرسي موسى «مت ٢٣ : ٢» جاعلا قول التوراة من عند الله وتكليم الله لموسى وقول الرب «مت ٢٢ : ٣١ ومر ١٢ : ٢٦ ولو ٢٠ : ٣٧».
فصرفنا النظر الى تعاليم موسى لعلما يوجد فيها شيء من الموانع فنظرنا في سند التوراة الدارجة التي هي بنقل اليهود كتاب تعاليمه فوجدناها مساوية لدعوى موسى للرسالة وظهور المعجز على يده في اتفاق اليهود ودعواهم التواتر على أن جميعها كتاب موسى عن الوحي ، وانهم قد تسلموا نقلها متواترا عن أجيالهم يدا بيد الى الجيل المعاصرين لموسى ، فأحرزنا من ذلك ان هذا النقل المتحد في الأمرين لا يمكن أن يذعن بتواتره في بعض منقولاته مع كذبه في المنقول الآخر ، فلزمنا في مقام النظر التفحص عن هذه المنقولات إذ لعل ما يوجد فيها من الموانع ما هو مساو في السند لصورة الحجة فلا يبقى اعتماد على