قالوا له : فلما ذا أوصى موسى أن يعطي كتاب طلاق فتطلق ٨ قال لهم ان موسى من اجل قساوة قلوبكم أذن لكم ان تطلقوا نساءكم ولكن من البدء لم يكن هكذا ٩ وأقول لكم : ان من طلق امرأته إلا لسبب الزنا وتزوج باخرى يزني «ونحوه مر ١٠ : ٢ ـ ١٠».
فأقول : اما الاستشهاد بأنه يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته فإنه ان اريد منه الالتصاق بالمرأة احيانا من أجل ضرورة التمتع والرغبة في النسل وتربية الأولاد فليس ذلك إلا لأن الوالدين لا يصلحان لذلك ، فهذا الالتصاق بالمرأة كالتصاقه في أغلب اوقاته بنوع من التكسب وأعمال المعيشة فيترك لاسترزاقه منه أباه وأمه وامرأته وولده ، أفيصح ان يجعل التصاقه هذا به حجة على انه لا يجوز أن يفارقه ويتركه اذا استغنى عنه أو سقط عن الفائدة أو كان مضرا بنظام حياته وصحته واستراحته. أو انقياده للشريعة ونواميسها.
وان اريد بهذا الالتصاق تقديمها على اكرام الوالدين وبرهما اللازم ، والاعراض عنهما لأجلها ، فهو استشهاد بعمل الأوباش الذين لم تؤدبهم النواميس الروحية على اكرام الوالدين والبر بهما ، ولا يبالون بإثم العقوق ومنقصته فهم كالحمار إذا رأى الأتانة تبعها ، ولم يبال بمن فوقه وما يراد منه.
فانا نجد كثيرا منهم يلتصقون هكذا بالزواني اللاتي يختصون بهن بغير زواج شرعي.
وأما الروحانيون المؤدبون بالشريعة فلا يقدمون نساءهم على اكرام والديهم وبرهم ولا يتركونهم لأجلهن ، وحاشا للوحي الإلهي ان يستشهد بعمل الأوباش المخالفين لنواميس الشريعة.
وأيضا ما معنى ان الرجل وامرأته يصيران جسدا واحدا وانهما ليسا بعد اثنين. فما لنا نرى بعض الكلمات قد كابرت الاعداد على حقائقها فلم تعط الوحدة والاثنينية والتثليث حقوقها من المعاني والحقائق. أفمن ماتت زوجته أو طلقها لسبب الزنا يكون نصف جسد واحد ، وإذا تزوج باخرى يعود جسدا واحدا أو يصير الثلاثة والاربعة والعشرة جسدا واحدا.