المتكلف ان يحتج عليهما لا على يوحنا
والحاصل : ان الكلام المذكور في متى ولوقا لا يحتمل من المعنى في محاورات العقلاء وخصوص الأنبياء إلا أن يكون قد تيقن من المعجزات ما هو مصدق للدعوة وحجة عليها ، ولما كان في السجن لم يمكنه إلا أن يرسل تلميذيه ليكشفا عن حقيقة الدعوة وان يسوع هل يدعي انه المسيح الموعود به أو انه نبي قبل المسيح فكان الجواب منه ليوحنا ببيان ما هو المعهود من معجزات المسيح الموعود به وبشارته ، وهذا مناقض لما مر عن يوحنا.
«وانظر «يه ١ ج ص ٢٤١ س ٢» تجده صريحا بالاعتراف بأن يوحنا أرسل التلميذين لأجل حاجته لا لمحض حاجتهما في الإيمان.
والمتكلف يرضى بأن يكون كلام يوحنا جاريا على غير النهج العقلائي في الغرض بل يجعل في طريق الهدى والإرشاد معثرة الشك والضلالة ويكون جواب المسيح على خلاف الغرض وفضولا زائدا ، كل ذلك محاماة منه عن الأناجيل وإن كانت موهونة من جهات كثيرة.
«يوحنا والمسيح أيضا» واعطف على ذلك ان الأناجيل تقول مرة ان يوحنا من بطن أمه يمتلئ من الروح القدس «لو ١ : ١٥» ولما جاءت مريم وهي حامل بالمسيح الى اليصابات وهي حامل بيوحنا وسلمت عليها ارتكض يوحنا جنين اليصابات في بطنها ابتهاجا ، وامتلأت من الروح القدس وباركت مريم وجنينها ، وقال : من أين لي هذا ان تأتي أم ربي إلي «لو ١ : ٤٠ ـ ٤٥».
وهذا صريح في ان اليصابات وجنينها يوحنا يعرفان المسيح حق المعرفة وبما له من الوظيفة وهو جنين في بطن أمه ، وان المسيح قبل ان ينزل الروح القدس ويحل عليه جاء الى يوحنا ليعتمد بمعموديته فمنعه يوحنا قائلا أنا محتاج ان اعتمد منك وأنت تأتي إلي «مت ٣ : ١٣ و ١٤».
وهذا ينادي بأنه يعرف يسوع بأنه المسيح حق المعرفة ويدل على ذلك أيضا انه كان يبشر بالمسيح ويقول للشعب المعتمدين منه انه سيأتي من يعمدكم بالروح القدس «مت ٣ : ١١ ومر ١ : ٧ و ٨ ولو ٣ : ١٥ و ١٦» بل اشار