التناقض وهي لا تفيده مطلقا.
وذكر هذا الأعمى لانه كان ابن رجل مشهور طحنته صروف الزمان والقادر على فتح عيني أعمى قادر على فتح عيني غيره وغيره ، وعلى كل حال فلا تناقض مطلقا ، فالتناقض يتحقق إذا قال احدهم : ان المسيح فتح عيني بارتيماوس ، ثم قال الآخر : ان المسيح لم يفتح عيني بارتيماوس ولم يحصل شيء من ذلك.
قلنا : قد اعترف المتكلف ببعض الحق من حيث لا يشاء وهو قوله : لو أفادت عبارة مرقس الحصر لثبت التناقض فنقول ان مثلها في مثل موردها يفيد الحصر ولا بد أن يريده المتكلم بها إن كان ممن يعرف كيف يتكلم فإنه إذا كانت الواقعة كما في متى ان الأعميين كانا مقترنين في الجلوس والاستعلام عن المسيح والاستغاثة به وانتهار الجمع لهما ، وعودهما في لجاجة الاستغاثة والصراخ ووقوف المسيح لهما ، وسؤاله لهما ، وجوابهما له ، وشفائه لهما ، واتباعهما له فمن كمال العي والشطط لمن يريد ان يسجل تاريخ معجزات المسيح ويمجده بها وينوه بها للناس ان ينقل الواقعة على غير وجهها ورونقها ومجدها ويترك بعض مضمونها وهي واقعة واحدة ، كيف وهم يقولون ان المسجل لهذه الواقعة هو إلهام الروح القدس تنويها بمجد المسيح ولا يلزم أن نقول هو الروح القدس.
بل ان واحدا من المؤرخين العارفين إذا أراد ان ينوه بمجد الواقعة التاريخية وكان عالما بالواقعة على النحو المذكور في متى لا يمسخها إلى النحو المذكور في مرقس ، فهل يرضى الملك على مؤرخ كتب تاريخ حربه وفتحه وموفقيته في الحرب الفلاني في اليوم الفلاني في الساعة الفلانية ان يكتب في تاريخه ان الملك لاقى الفيلق الفلاني وجرى بينهما كيت وكيت ثم لاشاه واستولى على معسكره ، هذا وهو عالم ان الملك جرت له هذه الواقعة بتفصيلها مع فيلقين اثنين ولاشاهما معا بموفقيته وقوته ، وهل يرتضي الناس من هذا المؤرخ تاريخه الأبتر على الخصوص إذا كان كتبه لتبشير رعية الملك والاحتجاج على خصومه وترهيبهم بقوته وسطوته ، كلا ولا يفعل المؤرخ ذلك إلا إذا كانت الواقعة على ما كتب أو