إلا المنافرة مع النون والسين والخاء في اسم النسخ ، وانا لا نضايقهم في الاسم بل نسمي هذا الذي نقول بإمكانه ووقوعه بالاسم الذي يسمون به رفع الشرائع الموجود في كتبهم التي ينسبونها الى الوحي الإلهي ونقتصر في مدعانا على مثل ما وقع في الشرائع التي ينسبونها الى الله.
وان السير في كلمات بعض كتابهم في هذا المقام وخصوص المتكلف «يه ٤ ج ص ١٥٥ ـ ١٩٤» قد كشف لنا عن منشأ الاشتباه أو مبدأ الحياد في المغالطة والتمويه ، وهو انهم تخيلوا بوهمهم او خيلوا بتمويههم ان النسخ الذي يدعي المسلمون وقوعه في الشرائع هو رفع الحكم الشرعي مع ابطال غايته الاصلية التي شرع لأجلها وهي مصلحة العباد ابطالا جزافيا من غير نظر الى تجدد مصلحة اخرى تناسب خلافه فكأنهم لم يسمعوا ولم يفطنوا من هتاف الصريح من كلمات المسلمين وكتاباتهم قولهم بأن الله الغنى الحكيم شرع الشرائع لطفا منه بعباده ورحمة لهم برعاية مصالحهم بأنواعها حسب ما تقتضيه حكمته وعلمه بما يناسبها من الأحكام بحسب اختلاف الاحوال والأوقات ، وعلى ذلك فقد تقتضي الحكمة واللطف تبديل الحكم الأول إلى ما هو أنسب منه في الزمان الثاني بالمصلحة والغاية المطلوبة في التشريع ، وهذا التبديل إنما هو لأجل المحافظة على الغاية التي شرع الحكم الاول لأجلها وهذا هو النسخ عند المسلمين وان فرض ان شريعة الحكم الثاني هي جوهر شريعة الحكم الاول باعتبار الغاية المطلوبة من التشريع ، وان الاولى ترمز وتشير الى الثانية لكونها أنسب باللطف والرحمة بحسب الوقت والحال ، فإن كل الشرائع الإلهية متحدة في غايتها المرعية ولكن أليست الاحكام المتبادلة فيها مختلفة بالنوع والحقيقة فنحن نصفهما بالناسخ والمنسوخ بلحاظ هذا الاختلاف.
مثاله بأن نتكلم على طريقة القائلين بسر الفداء فنقول ان الله قد شرع بلطفه ورحمته في التوراة أحكاما لمصالح العباد في البر والتأديب والتكفير والخلاص والتكميل واستمرت على ذلك ألفا وخمسمائة سنة تقريبا ولكن لما كانت هذه الغايات تحصل فيما بعد ذلك على أحسن وجه وأتم حصول فرضا بسبب الإيمان بالمسيح وبركة سر الفداء وذبيحة الفادئ الكريم رفعت ذوات