غاية الجهل بالحقائق ، وأسرار الأحكام من «يوشع» النبي الى رسل العهد الجديد ويكون هو اعرف منهم بوجوه الأحكام وحقائق الشريعة ، واذ عرف المجيب هذه العلة فليقل لما ذا جاء في كتب إلهامهم ان الله امر يوشع ان يختن بني اسرائيل من ابن اربعين سنة فما دون فحملهم هذا الأذى الشديد وعرضهم لفتك العدو بهم قبل ما يبرءون من جراحة الختان وقال بختانهم اليوم دحرجت عنكم عار مصر وهي «غرلة الشرك» هذا كله وقد مضى لهم من خروجهم من مصر أربعون سنة «انظر يش ٥ ، ٢ ـ ١٠» ولما ذا لم يتنبه باقي أنبياء بني اسرائيل الى هذه العلة في الختان ليرفعوه؟ ولما ذا لم يخبرهم الروح القدس بذلك؟ ولما ذا لم يرفعه المسيح لهذه العلة ويحتج بها لرفعه كما احتج للنهي عن الطلاق مع ان صورة الاحتجاج بها اوجه من صورة حجة الطلاق الواهية كما عرفت.
وأيضا لما ذا أمر التلاميذ والجموع بحفظ ما يقوله الكتبة والعمل به لأنهم جلسوا على كرسي موسى مع انه يعلم انهم يشددون في وجوب الختان. ولما ذا لم يرفعه الرسل لأجل هذه العلة بل ابقوا شريعته بعد المسيح مدة تزيد على خمسة عشر سنة ، ولما ذا لما ارادوا دفعه عن الامم مصانعة بالتخفيف عنهم لم يحتجوا لرفعه بهذه العلة بل تشبثوا لرفعه بمجرد استحسانهم للتخفيف عن الامم ورفع الثقل عنهم «انظر خامس الأعمال بتمامه».
وأيضا صرح العهد الجديد عن قول «بولس» ان ابراهيم أخذ علامة الختان ختما لبر الايمان الذي كان في العزلة «رو ٤ : ١١» ولم يعلله بولس بما ذكره هذا الرجل تمويها من دون تدبر.
وأيضا لما ذا لم يحتج بولس بهذه العلة مع انه لهج في كتبه برفعه وتقلب في وجوه الاحتجاج لذلك.
هذا واني احاشي الحواريين من التعرض لرفع الختان وإنما هو ممن حاول ان يستجلب الامم إلى رئاسته ولو بهدم الشريعة ، وانما نسبته لهم جدلا لمن ينسبه لهم ، ويتضح مما ذكرنا ان هذا الرجل يدعي معرفته بشيء جهله الأنبياء والمسيح ورسل العهد الجديد ، وإذا اتضح ما ذكرنا فإني ارجو رجاء ناصح من عموم النصارى وخصوص المقلدين لأكابرهم ان لا يقبلوا قول أكابرهم حتى