تضرس أسنانه «ار ٠٣١ ٣٠».
فهل ترى أحدا من ملوك الارض يقبل من أحد الأبرياء أن يحتمل بالرغبة ما على المقصر من الصلب والإعدام ، ولو ان الملك قبل ذلك وأجرى على البريء قصاص المقصر وترك المقصر آمنا في تمرده لعده العقلاء ملكا قاسيا وحشيا لا يبغض الخطيئة على الخصوص إذا كان البريء يطلب من الملك أن تعبر عنه كأس القصاص ويبكي ويحزن ويكتئب ويقول : إلهي إلهي لما ذا تركتني؟ فإن قال : ان الفادي الكريم لم يحتمل قصاص الخاطئ حسبما يقتضيه العدل الإلهي وهو الموت في جهنم النار الى الأبد ، وإنما احتمل ألم الصلب والاضطهاد والموت في أقل من ثلاثة ايام ثم أقامه الله من الاموات مكرما ممجدا ورفعه الى السماء فجلس عن يمين الله فقل له «أو لا» : إذا كان الفادي الكريم هو الكلمة الأزلية التي هي الله ، والمسيح الذي هو الله فمن هو الذي أقامه الله؟ ومن هو الذي جلس عن يمين الله؟.
و «ثانيا» إذا كان عدل الله وقداسته ومقته للخطيئة يستلزم عقاب الخاطئ بالموت في جهنم النار الى الأبد ، فلما ذا تنازل عدل الله الى كون القصاص يوما وبعض يومين؟ فهل كان العقاب الذي هو لازم العدل ما لا احوجت ضرورة الوقت الى تعجيل استيفائه بالتنزيل الفاحش ، أم كان هذا التنازل واستيفاؤه من البريء محاباة للأثمة الخاطئين ، كيف وكتابكم يقول ان الله ليس عنده محاباة «انظر ٢ أي ١٩ : ٧ ورو ٢ ، ١١ وابط ١ : ١٧» بل النفس التي تخطي هي تموت ، هذا كله مع ان الابن ان كان قد اعطى وعدا للأب بهذا الفداء الذي عرفت موقعه من العدل والقداسة ومقت الخطيئة ، فبمقتضى كتابكم انه قد استعفى واستقال من هذه المعاملة مع الأب لما قرب وقت الاستيفاء ولم يردها ، وقال : وهو حزين جدا يا أبتاه ان أمكن فلتغبر عني هذه الكأس «مت ٢٦ : ٣٨ و ٣٩» وكان يصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن ، وقال : يا أبا الأب كل شيء مستطاع لك فأجز عني هذا الكأس «مر ١٤ : ٣٥ و ٣٦» وجثا على ركبتيه وصلى قائلا يا أبتاه ان شئت ان تجيز عني هذه الكأس ، وظهر له ملاك من السماء يقويه وإذ كان في جهاد كان يصلي بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على