لأنه عدله استوفى حقه فصار عدله ورحمته متساويين فلا تفاوت بينهما وهذا بخلاف المسلمين الذين يرتكنون على رحمة الله في الخلاص ويغضون الطرف عن عدله وعن كونه منتقما جبارا فأنت ترى ان طريقة خلاصهم واهية واهنة فاسدة بعيدة عن العقل
السليم ، أما وهنها فلأنها غير مؤسسة إلا على أوهام باطلة كارتكانهم على رحمة الله فقط ، وغضهم الطرف عن عدله وقداسته ومقته للخطيئة «ص ١٨١».
ومما يدل على فساد الطريقة الإسلامية أيضا انها تستلزم ان رحمة الله أعظم من عدله ، والعقل السليم لا يقبلها.
أقول : فأين صار العدل الإلهي إذا كان لا شيء من الدينونة على الذين في المسيح ، وبأي عدل وحكمة ينسب إليهم بره ، كيف وكتابهم يقول : ان الله يغفر الاثم والخطيئة ، ولكن لا يبرئ ابراء «خر ٣٤ : ٧ وعد ١٤ : ١٨ ونا ١ : ٣».
وما معنى ان حفظ المسيح للشريعة ينسب إليهم وبأي عدل يكون ذلك وبأية حكمة؟ فهل كان جعل الشريعة لأجل حاجة الله إلى العمل بها حتى يقال ان عمل بعض الناس يسد حاجة الله ويغني عن عمل غيره ، وبناء على هذا الغلط أيضا لا يصح أن يكون عمل واحد ينسب الى غيره ، أو ليس يعلم كل ذي عقل ان تشريع الشريعة إنما هو لطف من الله بعباده جميعا ليتكملوا ويتقدسوا بالعمل بها ويصلح به اجتماعهم وينالوا سعادة الدارين ، ولو لا ذلك لكان من أفحش الظلم إلزام كل أحد بالعمل بها.
وأفحش منه توقف الاقالة منها على الفداء كما عن قول «بولس» المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا ، وحاصله ان الله جل شأنه برر المجرم بحمل عقابه ولعنته على البريء البار «كذى العر يكوي غيره وهو راتع» أفهذا عدل الله عند المتكلف؟ وكيف استوفى عدله حقه وممن استوفاه وعلى اي نحو جزاف استوفاه ، أيستوفي عقاب مليونات لا تحصى من الخلق وهو موتهم في جهنم النار إلى الأبد بموت بار يوما وبعض يومين ، ويكون هذا من العدل واستيفاء الحق.