فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١١ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) وانك لتجد من صراحة الآيات ان قتل المشركين لم يكن لأجل الانتقام منهم ولا للمؤاخذة لهم على اساءتهم السابقة ، بل إنما هو لأن المشركين رجس نجس ومعثرة في سبيل التوحيد وانتشار شريعة الحق والعدل ونظام المدنية ، وزيادة على ضلالهم قد توغلوا بالعداوة للتوحيد والموحدين وانهضهم ضلالهم وجبروتهم لإيذاء المؤمنين وحربهم مبلغ جهدهم ، ولم تنفع فيهم الحجج الواضحة والمواعظ الناصحة ، ولأجل ذلك قال الله جل شأنه امهلوهم مدة الأشهر الحرم تأكيدا للحجة ومهلة للنظر واستمالة إلى الهدى والتوبة ، ثم ضايقوهم بعد هذا بالقتل والحصار تطهيرا للأرض من رجسهم وحياطة للتوحيد وشريعة الحق من كيدهم ، أو ينيبوا إلى الإسلام فيتطهروا بقداسته ويستنيروا بهداه ، وحينئذ فخلوا سبيلهم ، وليس لكم أن تؤاخذوهم بإساءتهم معكم أيام شركهم فإن الله غفور رحيم.
فلا بد لكم حينما يسلمون أن تعفوا وتصفحوا عما سبق منهم فإنهم حينئذ اخوانكم في الدين.
فالآيات الكريمة مؤكدة لحكم العفو والصفح ، وصريحة في أن قتلهم ومحاصرتهم قبل إسلامهم إنما هما لتنفيذ شريعة الحق ، الداعية إلى مكرمة العفو والصفح.
فأين الآية الشريفة من معارضة الأمر بالعفو ونسخه ، وقس على ذلك كلما جاء في القرآن الكريم من الأمر بالعفو والصفح عن المشركين ، فإذا أمعنت النظر في فلسفة هذه الحقيقة ، وأوصلك التدبر الى معرفة ما فيها من الحكم الباهرة في تربية البشر دعوتهم الى شريعة الحق والعدل وتأديبهم بها ، فإنك تعرف اشتباه «ابن العربي» في دعواه ان آية السيف المذكورة نسخت مائة وأربعة وعشرين آية.
وتعرف أيضا خطأ المتكلف والتعرب في اتباعهما له على ذلك «يه ٤ ج ص ١٦١ وذ ص ٤٤ و ٤٥».
وتعرف أيضا مبلغ تعصب المتعرب وضلاله ، واني لأظن ظنا قويا انهما لم