«أحدهما» اعتمادهم في البرهان لدعاويهم في قبال الإسلام على كتب العهدين التي يدعون إلهاميتها وصدورها عن الوحي.
وقد عرفت في المقدمة السادسة وتعرف إن شاء الله ما يبطل ذلك. وان تشبثهم بها في قبال الإسلام والمسلمين مما لا يليق بالمباحث وإن لم يقصد ببحثه تحقيق الحق.
«وثانيهما» انهم تشبثوا في مقام الجدل لدين الإسلام وإلزام عموم المسلمين في جامعة دينهم بآراء بعض مفسريهم وروايات آحادهم مما لا يقبله عمومهم ولا يذعنون بصحته ولا يعتمدون عليه في جامعتهم الإسلامية ، أو ترى هؤلاء المباحثين لم يفطنوا أو لم يسمعوا بأنه عرض لروايات آحاد المسلمين مثلما قد عرض للأناجيل وتعاليم النصرانية بعد المسيح من الاختلاف والتشويش والاضطراب حتى تعددت الأناجيل واختلفت اختلافا واضحا وحتى تتابع النداء من أعمال الرسل والرسائل المدرجة في العهد الجديد بأن بطرس ويهوذا ويوحنا وبولس يستغيثون ويحذرون الامة من التعاليم المتشعبة من المتنصرين ، كما ملأ سمعك في أواخر المقدمة السادسة ، وستسمع له زيادة إن شاء الله على انه لم ينحصر الاختلاف في أخبار آحاد المسلمين بتعمد الكذب من بعض الوسائط بل كان منه ما نشأ من عدم التثبت والتفهم في السماع ، ومنه ما نشأ من خلل التوهم والنسيان ، ومنه ما كان لأجل اختفاء القرائن المتصلة والنقل بالمعنى ، ولأجل هذا ترى المسلمين لم يأخذوا بها جميعا على سبيل التسليم ، ولم يطمسوا الحقائق بالاعراض عنها رأسا ، بل تصدوا من قديم الزمان إلى الوقت الحاضر وصنفوا الكتب الكثيرة لمحض البحث والتنقيب في أحوال الرواة وجرحهم وتعديلهم وضبطهم وحفظهم وحسن سماعهم وأمانتهم وسلامة عقيدتهم واتصال السند وانقطاعه ، كل ذلك ليميزوا منها المتواتر باللفظ أو بالمعنى فيكون لهم حجة في اصول الدين وفروعه ، والذي لا يبلغ التواتر بحثوا فيه عن سند الرواية وشهرتها وقبول أساطين العلم لها وعدم اضطرابها أو مخالفتها للعقل أو الكتاب أو السنة ليعتمدوا في فروع الدين وأحكامه على ما اطمأنوا بصحته وصدوره على وجهه منها وما وجدوه مضطربا أو مخالفا للعقل أو