الوقوع في الحرام ، لأن العبد العارف خصوصا إذا كان من الأنبياء ليود أن تكون كل أفعاله وتروكه موافقة لأمر الله ونهيه سواء كانا على جهة الحتم أو الرجحان أو الإرشاد ، فإن اتفق وقوعه في متابعة الميل الإنساني بغير المعصية القبيحة وجد في نفسه انه قد خسر الفوز في المرتبة المرغوبة له وحاد عن جادة الصديقين وزل عن مقام المقربين فيفزع الى الله مولاه في طلب المغفرة والرحمة والتوبة ليعود ببركتها الى مقامه الرفيع.
كما نفزع نحن معاشر عبيد العصا الى التوبة عند ارتكاب الذنب العظيم لأجل التخلص من العقاب ونكال الغضب ، وعلى مثل ما ذكرنا جاء قوله في سورة البقرة (فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
وأما قوله تعالى في سورة الاعراف ١٨٩ (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) ١٩٠ (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) ، فان نسبة الشرك فيه لآدم مبنية على ما يذكره بعض المفسرين من قصة تسمية آدم وحوا لولدها بعبد الحارث «أي ابليس» إجابة لاقتراحه ذلك عليهما.
وان سوق الآيات ليأبى ذلك فانها لو كانت واردة على هذه القصة لكان الذي ينبغي أن يقال فيها فلما أتاهما صالحا جعلا له شريكا فيه فتعالى الله عما يشركان ، لأنه لم يكن الشريك بحسب القصة إلا واحدا وهو الحارث «ابليس» ، ولم يكن المشرك بحسبها إلا اثنين وهما آدم وحوا ، وبحسبها أيضا لا يعرف الوجه الصحيح في العدول عن قوله تعالى ، فيه الى قوله تعالى ، (فِيما آتاهُما).
مع انه قد جاء عن الرضا وهو الإمام الثامن من أهل البيت الذين هم أحد الثقلين اللذين لا يفترقان ، ولا يضل من تمسك بهما في تفسير الآية ما معناه ان المراد بالصالح هو نوع الذرية التامة الخلقة على أحسن التقويم لا خصوص ولد واحد فلما أتاهما صالحا من الذرية المشتملة على صنفين ذكرانا واناثا جعل ذلك الصنفان من الذكران والاناث لله شركاء من الأصنام وسائر المخلوقات التي