وعن شقيق قال : عملت في القرآن عشرين سنة حتى ميّزت بين الدنيا والآخرة ، فأصبته في حرفين. قوله تعالى : (وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا (١) وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى) (٢).
وعن حاتم الأصمّ ، عن شقيق قال : لو أنّ رجلا عاش مائتي سنة لا يعرف هذه والأربعة لم ينج : أوّلها معرفة الله تعالى ، الثاني : معرفة النفس ، الثالث : معرفة أمر الله ونهيه ، الرابع معرفة عدوّ الله وعدوّ النفس (٣).
قال أبو عقيل الرّصافيّ : نا أحمد بن عبد الله الزّاهد : سمعت شقيق بن إبراهيم يقول : ثلاث خصال هي نتاج الزّهد :
الأولى : أن تميل عن الهوى.
الثانية : تنقطع إلى الزّهد بقلب.
الثالث : أن يذكر إذا خلا كيف مدخله ومخرجه ، كيف يدخل قبره؟ ويذكر الجوع ، والعطش والحساب والصراط والعري والفضيحة وطول القيام (٤).
وقد ذكر عن شقيق مع انقطاعه وزهده أنّه من كبار المجاهدين في سبيل الله. وكذا فليكن زهد الأولياء رضياللهعنهم.
روى محمد بن عمران ، عن حاتم الأصمّ قال : كنّا مع شقيق ونحن مصافّوا العدوّ والتّرك ، في يوم لا أرى فيه إلّا رءوسا تندر ، وسيوفا تقطع ، ورماحا تقصف. فقال لي : كيف ترى نفسك؟ هي مثل الليلة التي زفّت فيها إليك امرأتك؟ قلت : لا والله! قال : ولكنّي أرى نفسي كذلك. ثم نام بين الصّفّين ودرقته (٥) تحت رأسه حتى سمعت غطيطه. فأخذني يومئذ تركيّ
__________________
(١) سورة الشورى ، الآية ٤٦.
(٢) سورة القصص ، الآية ٦٠ ، وسورة الشورى ، الآية ٣٦.
والخبر في حلية الأولياء ٨ / ٦٠ ، وطبقات الصوفية للسلمي ٦٤.
(٣) باختصار عن الحلية ٨ / ٦٠ ، ٦١.
(٤) باختصار عن الحلية ٨ / ٦٢.
(٥) الدرقة : الترس من جلد ليس فيه خشب ولا عقب.