وقيل : إنّ الرشيد لمّا سمع وعظه قال : من أين تعلّمت هذا؟
قال : تفل في في النبي صلىاللهعليهوسلم في النوم وقال : «يا منصور قل» (١).
السّرّاج : نا أحمد بن موسى الأنصاريّ قال : قال منصور بن عمّار : حججت فبتّ بالكوفة ، فخرجت في الظّلماء فإذا بصارخ يقول : إلهي وعزّتك ما أردت بمعصيتي مخالفتك ، ولقد عصيتك وما أنا بنكّالك جاهل ، ولكن خطيئة عرضت أعانني عليها شقائي ، وغرّني سترك ، والآن من ينقذني؟ فتلوت هذه الآية (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) (٢) فسمعت دكدكة ، فلمّا كان من الغد مررت هناك ، فإذا بجنازة ، وإذا عجوز تقول : مرّ البارحة رجل فتلا آية ، فتفطّرت مرارته ، فوقع ميتا (٣).
قال أبو بكر ، وعثمان ابنا أبي شيبة : كنّا عند ابن عيينة فجاء منصور بن عمّار فسأله عن القرآن ، فزبره وأشار بالعكّاز إليه. وانتهره. فقيل : يا أبا محمد إنّه عابد.
قال : ما أرى إلّا شيطانا.
قال منصور : دخلت على سفيان بن عيينة ، فحدّثني ووعظته ، فلمّا أثارت الأحزان دموعه رفع رأسه وردّها في عينيه ، فقلت : هلّا أسبلتها إسبالا ، وتركتها تجري سجالا.
قال : إنّ الدمعة إذا بقيت كان أبقى للحزن في الجوف (٤).
قال سليم بن منصور : كتب بشر المريسي إلى أبي : أخبرني عن القرآن. فكتب إليه : عافانا الله وإيّاك ، وجعلنا من أهل السنّة ، فإن يفعل فأعظم بها منّة ، وإلّا فهي الهلكة. نحن نرى أنّ الكلام في القرآن بدعة تشارك فيها السّائل والمجيب. تعاطى السّائل ما ليس له ، وتكلّف المجيب
__________________
(١) تاريخ بغداد ١٣ / ٧٤ وزاد : «فأنطقت بإذن الله»
(٢) سورة التحريم ، الآية ٦.
(٣) الخبر مطوّل في الحلية ١ / ٣٢٨ ، ٣٢٩ ، والتذكرة الحمدونية ١ / ١٩١ رقم ٤٤٥.
(٤) حلية الأولياء ٩ / ٣٢٧.