قلت : الكتاب منها جزء صغير ، وجزء كبير ، ونحو ذلك.
الفسويّ (١) : سمعت الحميديّ يقول : خرجت يوم القدر والوليد في مسجد منى وعليه زحام كثير. وجئت في آخر الناس فوقفت بالبعد ، وعليّ بن المدينيّ بجنبه ، فجعلوا يسألونه ويحدّثهم ، ولا أفهم. فجمعت جماعة من المكّيّين وقلت لهم : جلّبوا وأفسدوا على من بالقرب منه. فجعلوا يصيحون ويقولون : لا نسمع.
وجعل ابن المدينيّ يقول : اسكتوا نسمعكم. فاعترضت وصحت ، ولم أكن بعد حلقت ، فنظر ابن المدينيّ إليّ ولم يثبتني وقال : لو كان فيك خير لم يكن شعرك على ما أرى.
قال : فتفرّقوا ولم يحدّثهم بشيء.
قلت : وكان الوليد مع حفظه وثقته قبيح التدليس. يحمل عن أناس كذّابين. وتلفى عن ابن جريج ، وغيره ، ثم يسقط الّذي سمع منه ويقول : عن ابن جريج. قال أبو مسهر : كان الوليد يأخذ من ابن أبي السّفر حديث الأوزاعيّ ، وكان ابن أبي السفر كذّابا ، وهو يقول فيها : قال الأوزاعيّ.
قال صالح جزرة. سمعت الهيثم بن خارجة يقول : قلت للوليد : قد أفسدت حديث الأوزاعيّ ، قال : وكيف؟ قلت : تروي عن الأوزاعيّ ، عن نافع ، وعن الأوزاعيّ ، عن الزهريّ ، وعنه ، عن يحيى. وغيرك يدخل بين الأوزاعيّ ، ونافع ، عبد الله بن عامر الأسلميّ ، وبينه وبين الزّهريّ مرّة وغيره. فما يحملك على هذا؟.
قال : أنبل الأوزاعيّ أن يروي عن مثل هؤلاء.
قلت : فإذا روى الأوزاعيّ عن هؤلاء الضّعفاء مناكير ، فاسقطتهم أنت وصيّرتها من رواية الأوزاعيّ عن الثقات ضعّفت الأوزاعيّ ؛ فلم يلتفت إلى قولي.
قال أحمد بن حنبل : ما رأيت في الشّاميّين أعقل من الوليد.
__________________
(١) في المعرفة والتاريخ ٢ / ٤٢١ ، ٤٢٢.