المقام الربوبي :
١. أن يكون لكلّ واحد من هذه الآلهة الثلاثة وجود مستقل عن الآخر ، بحيث يظهر كلّ واحد منها في تشخّص ووجود خاص ، فكما أنّ لكلّ فرد من أفراد البشر وجوداً خاصّاً به خارجاً وكلّ واحد منهم له شخصية مستقلة ، كذلك يكون لكلّ واحد من هذه الأقانيم أصل مستقل وشخصية خاصة متميزة عمّا سواها.
وبعبارة أُخرى : إنّ هناك طبيعة واحدة ولكنّها تتألّف من ثلاثة أفراد ، كلّ فرد منها يمثّل إلهاً تامّاً ومستقلًّا. غير أنّ هذه النظرية هي عين نظرية الشرك الجاهلي وقد تجلّى في النصرانية في صورة التثليث. ولكن دلائل التوحيد قد أبطلت أيّ نوع من أنواع الشرك من الثنوية والتثليث ، وقد ذكرنا الأدلّة على استحالة وجود الشريك والندّ لله سبحانه.
والعجب أنّ مخترعي هذه البدعة من رجال الكنيسة يصرّون ـ بشدة ـ على التوفيق بين هذا التثليث والتوحيد ويقولون : إنّ الإله في نفس كونه ثلاثة هو واحد ، وفي كونه واحداً هو ثلاثة!! وهل هذا إلّا تناقض واضح؟! وإنّه كما يقال : أكوس طويل اللحية!!
وهل يوجد عاقل في العالم كلّه يدّعي أنّ الثلاثة تساوي واحداً؟! وهل لهذا التأويل من سبب غير أنّهم وجدوا أنفسهم في زاوية حرجة لا يمكن الفرار منها إلّا بمثل هذه التأويلات الباردة؟! وذلك لأنّهم واجهوا الأدلّة والبراهين المحكمة للموحّدين ، والتي تدلّ بوضوح وجلاء على نفي كلّ أنواع الشرك والتثليث ، وهذه البراهين بدرجة من القوة والمتانة بحيث لا يمكن التخلّص منها ؛ ولكنّهم من جانب آخر خضعوا للعقيدة الموروثة ، أيّ عقيدة التثليث