لقد كان الأنبياء عليهمالسلام يذمون من يتطير بهم ويتشاءم من وجودهم : (قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ ...). (١)
وهم بذلك يُشيرون إلى أنّ علّة المحن والمصائب كامنة في نفس العصاة والمنكوبين وهو أمرٌ ناشئ منهم ونابعٌ من أعمالهم أنفسهم.
وإذا ما وجدنا في آية أُخرى من القرآن الكريم قوله سبحانه : (... أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ). (٢)
فلا شك أنّ المقصود في هذه الآية أنّ الله سبحانه عظيم وكبير في علمه ومعرفته بحيث لا يخفى عليه شيء من مصيركم وما تؤول إليه حياتكم.
إنّ النكتة الجديرة بالاهتمام هي : إنّ الآية الأُولى تصرح بأنّ مصير الإنسان ومستقبله مرهون به (طائِرُكُمْ مَعَكُمْ) ، وذلك لأنّ أعمال الإنسان وأفعاله هي التي تصنع مصير الإنسان.
أمّا إذا كان الحديث عن علم الله وإحاطته بمستقبل وبمصير الإنسان نجد الآية الأُخرى تتحدث بلحن آخر وبطريقة مختلفة عن الأُولى حيث تعتبر أنّ علم الله محيط بمصير الإنسان ومستقبله ، قال تعالى : (قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ).
إنّ القرآن الكريم يعتبر ـ وفي آيات أُخرى ـ حالات الإنسان وأعماله السابقة علّة لوقوعه في المحن والتقلّبات قال تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ). (٣)
__________________
(١). يس : ١٩.
(٢). الأعراف : ١٣١.
(٣). الشورى : ٣٠.