الذي ينبغي هو أن يطلب منه تعالى أن لا يبتليه بأمر يعجز عن القيام به أو يفشل فيه ، ثمّ يوضح لنا عليهالسلام الهدف من الاختبار وهو إظهار وإبراز الصفات والخصال الحسنة أو السيئة التي تمنح الإنسان شخصيته حيث يقول عليهالسلام : «لا يقولن أحدكم : «اللهم إنّي أعوذ بك من الفتنة» ، لأنّه ليس أحد إلّا وهو مشتمل على فتنة ، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلّات الفتن ، فانّ الله سبحانه وتعالى يقول : (وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) ، ومعنى ذلك إنّه يختبرهم بالأموال والأولاد ليتبين الساخط لرزقه والراضي بقسمه ، وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم ، ولكن لتظهر الأفعال التي بها يُستحق الثواب والعقاب ، لأنّ بعضهم يُحب الذكور ويكره الإناث ، وبعضهم يحب تثمير المال ، ويكره انثلام الحال». (١)
ولك أن تقول : إنّ الابتلاء الإلهي دوره كدور صاحب البستان ، فإنّ الفلاح عند ما يضع البذرة ـ ذات الاستعداد والقدرة ـ تحت التراب ، فإنّ تلك البذرة ومن خلال الاستفادة من الإمكانات والمواهب الطبيعية تأخذ طريقها إلى النمو والرشد وانّها في طيّها لهذا الطريق الشائك تقابل كمّاً هائلاً من المشاكل والصعوبات التي تعترض طريقها من الأعاصير الشديدة والبرودة القاتلة والحرارة المحرقة ، ولذلك ينبغي عليها أن تقاوم كلّ تلك الصعوبات وتجتاز كلّ تلك العقبات ، لكي تبرز استعداداتها وتفجر قدراتها الكامنة فيها فتتحول إلى غصن جميل وثمرة يانعة شهية ولذيذة. فإذا لم تتعرض تلك البذرة إلى كلّ تلك الشدائد ولم تمر في بوتقة الاختبار فمن المستحيل أن تبرز كمالها وتظهر استعداداتها الكامنة فيها.
__________________
(١). نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، رقم ٩٣.