والنابتات العذية (١) أقوى وقوداً وأبطأ خموداً». (٢)
إنّ الإنسان الذي يخضع للاختبار ويبتلى بأشدّ المصائب ، يتعلم كيف يشق طريق الحياة ويطوي جادتها بنحو تسهل لديه مصاعب الحياة وتهون عليه شدائدها وتصبح أمراً طبيعياً حيث إنّه يعمل فكره وعقله ويستفيد من طاقاته ويفجر كمالاته المودعة فيه ويفعّلها لتخليص نفسه ونجاتها.
وبالطبع لا يمكن أن ندّعي أنّ الامتحان والاختبار مثمر ومفيد لجميع الأفراد ، وأنّ الجميع يخرجون من بوتقة الاختبار ويجتازون مراحله بنجاح وموفقية ، بل الذي ندّعيه هو أنّه في حالة توفر الأرضية المناسبة يكون الامتحان سبباً لارتقاء الإنسان في سلّم الكمال وبروز الخصائص النفسية الكامنة في أعماقه ، ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الهدف في قوله تعالى :
(... وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ). (٣)
إنّ قوله تعالى : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) يشير إلى أنّ هدف الله تعالى من الاختبار ليس هو تشخيص الواقعيات ، بل الهدف والغاية هو التربية وتفجير وإظهار الطاقات والكفاءات الكامنة في مركز وجود الإنسان ، ولقد أطلق العرب في لغتهم لفظة «التمحيص» على ذلك المعنى ، ومن يراجع كلمات أمير المؤمنين عليهالسلام وحكمه يجده قد أشار إلى ضرورة ولابدّية الاختبار وفلسفته ، وانّه لا ينبغي أن يطلب الإنسان من ربّه عدم الامتحان والابتلاء ، بل
__________________
(١). الزرع الذي لا يسقيه إلّا ماء المطر.
(٢). نهج البلاغة ، ص ٤١٨ ، قسم الرسائل برقم ٤٥ من كتاب له إلى عثمان بن حنيف تحقيق صبحي الصالح.
(٣). آل عمران : ١٥٤.