تسوقه تلك الضغوط والتوجهات الداخلية إلى النفعية والمصلحية.
وبصرف النظر عن هذين الأمرين ، فإنّ الأمر الثالث ، أي الضمانة التنفيذية والرقابة الداخلية ضعيفة جدّاً في القوانين البشرية ، وذلك بسبب عدم قدسيتها ، ولذلك نجد يوماً بعد يوم يزداد عدد المحاكم القضائية ومراكز الشرطة وتكثر السجون والسجناء في جميع أنحاء العالم.
هذه الأُصول دعت الحكماء إلى الاعتقاد بأنّه ولغرض كمال الإنسان وحفظ النوع البشري لا بدّ من وجود قانون كامل وشامل وهذا لا يتوفر إلّا في الشرائع السماوية التي تطرح عن طريق الأنبياء ، ولذلك ينبغي أن يبعث الله تعالى الأنبياء ، وهم يحملون تشريعاً متكاملاً يتسنّى من خلاله حفظ النظام وبقاء النوع البشري. (١)
هذه هي خلاصة الطريقين اللّذين ذكرهما المتكلّمون والحكماء لإثبات لزوم بعثة الأنبياء نقلناهما بصورة مختصرة وعبارة واضحة ووافية بالمطلب ، ومن يروم التوسع في البحث فعليه مراجعة المصادر التي ذكرناها في الهامش.
ومن المناسب جدّاً هنا أن نشير إلى الرواية التي رواها هشام بن الحكم عن الإمام الصادق عليهالسلام في خصوص لزوم بعثة الأنبياء وقد تمت الإشارة في هذه الرواية إلى كلا المنهجين المذكورين :
منهج المتكلّمين ومنهج الحكماء.
يقول هشام بن الحكم :
سأل الزنديق الذي أتى أبا عبد الله عليهالسلام فقال : من أين أثبت أنبياءً ورسلاً؟
__________________
(١). انظر : الإشارات : ١ / ٣٧١ ؛ تلخيص المحصل ، ٣٦٣ ، ط طهران ؛ كشف المراد : ٣٧١ ، ط قم ، مصطفوي ؛ اللوامع الإلهية : ١٦٧ ، ط تبريز ؛ المغني للقاضي عبد الجبار : ١٥ / ١٩ ، ط مصر ؛ شرح الأُصول الخمسة : ٥٦٣ ، ط القاهرة.