سبحانه :
(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ). (١)
الوجه الثالث : يذهب أصحاب هذا الرأي إلى أنّ المقصود من «أُولو العزم» ليس جميع الأنبياء ، بل المقصود طائفة منهم ، وهم الرسل الذين صبروا كثيراً في طريق تبليغ الرسالة ، وكانوا كالطود الشامخ أمام المصاعب والآلام وأساليب التكذيب والأذى التي تعرضوا لها.
ومن الواضح أنّ هذه النظرية تستبطن مطلبين :
الف : إنّه ليس جميع الأنبياء هم من «أُولو العزم».
ب : أنّ المقصود هو تلك الطائفة من الأنبياء التي صبرت في طريق تبليغ الرسالة وكانت كالطود الشامخ.
وأمّا الصبر والثبات في الموارد الأُخرى فلا يكون ملاكاً للاتّصاف بصفة «أُولو العزم»، وكأنّ معنى الآية : اصبر واستقم كما صبر «أُولو العزم» من الرسل في طريق تبليغ الرسالة.
ونحن إذا راجعنا القرآن الكريم لا نعثر على آية نستطيع من خلالها تعيين تلك الطائفة من «أُولو العزم» ، نعم أُشير في بعض الروايات إلى أسماء أربعة منهم ، مثل : نوح عليهالسلام ، إبراهيم عليهالسلام ، موسى عليهالسلام ، وعيسى ابن مريم عليهماالسلام. (٢)
وفي الوقت الذي نرى أنّ هذه النظرية قد حصرت الملاك في كونهم «أُولو العزم» هو ابتلاؤهم بالشدائد والبلايا في طريق تبليغ رسالتهم ونشرها بين الناس ،
__________________
(١). يس : ٦٠ ـ ٦١.
(٢). انظر تفسير البرهان : ٢ / ١٧٩.