نجد أنّ الروايات الواردة في تفسير الآية توسع الملاك وتطبّق الآية على الأنبياء الذين صبروا في غير مجال تبليغ الرسالة ، كصبر يعقوب على فقدان ولده وذهاب بصره ، ويوسفعليهالسلام على الجبّ والسجن للمحافظة على نقائه وطهارته أمام مغريات امرأة العزيز ، وداود إذ يبكي على زلّته أربعين سنة ، وعيسى لم يضع لبنة على لبنة وقال : إنّها معبرة فاعبروها ولا تعمروها ، وقال الله تعالى في آدم : (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) ، وفي يونس حيث قال : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ). (١)
أي لا تكن مثل يونس في استعجال عقاب قومه وإهلاكهم ولا تخرج من بين قومك من قبل أن يأذن لك الله. (٢)
ولكن الرواية على خلاف ظاهر الآية فلا يمكن الأخذ بها ، بل الرواية الأُولى أحكم من الثانية ، خاصة وانّ الرواية الثانية جاء فيها انّ الذبيح بدل (إسماعيل) (إسحاق) ، وهذا خلاف القرآن ، وانّه شبيه بالروايات الإسرائيلية. (٣)
الوجه الرابع : إنّ المقصود من «أُولو العزم» حسب هذه النظرية كلّ من جاء بشريعة مستأنفة تنسخ شريعة من تقدّمه ، وهم خمسة : أوّلهم نوح ، ثمّ إبراهيم ، ثمّ موسى ، ثمّ عيسى ، ثمّ محمّد عليهمالسلام.
روي عن ابن عباس وقتادة وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام قال : «وهم سادة النبيّين ، وعليهم دارت رحى المرسلين». (٤)
__________________
(١). القلم : ٤٨.
(٢). مجمع البيان : ٥ / ١٦٩ ؛ مفاتيح الغيب : ٧ / ٤٦٨.
(٣). بعض المفسرين فسّر ذلك بالأنبياء الذين أُمروا من قبل الله بالجهاد والقتال في طريق نشر الدين ، ومن الطبيعي أنّ هذا التفسير يتّحد مع هذه النظرية ، ولذلك لم نورده كوجه ونظرية مستقلة.
(٤). مجمع البيان : ٥ / ١٩٤.