وقد ورد هذا التفسير في بعض الروايات الخاصة ، فقد روى ذلك الكليني بسند موثّق عن الإمام الصادق عليهالسلام ، وروى الصدوق رحمهالله ذلك بسند موثق أيضاً عن الإمام الرضاعليهالسلام. (١)
ولكنّ هنا سؤالاً يطرح نفسه وهو أنّه لم يثبت نسخ كلّ شريعة لاحقة لما تقدّمها؟ فعيسى عليهالسلام ـ مثلاً ـ لم ينسخ شريعة موسى عليهالسلام ، وقد بيّن الغاية من بعثته وهي القضاء بين بني إسرائيل وفكّ الخصومات ، حيث قال سبحانه :
(قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ). (٢)
فإنّ معنى ذلك أنّ المسيح جاء مبيّناً لا ناسخاً لما تقدّمه من الشرائع ، إلّا إذا كان المقصود من النسخ هو تجديد بعض الأحكام ورفع القيود والأغلال التي كانت موجودة ، حيث قال سبحانه :
(... وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ...). (٣)
الوجه الخامس : المقصود من «أُولو العزم» هم الرسل الثمانية عشر الذين ورد ذكرهم في سورة الأنعام من الآية (٨٢ ـ ٨٦) وهم : إبراهيم ، إسحاق ،
__________________
(١). تفسير البرهان : ٤ / ١٧٨ ـ ١٧٩. وسند الكليني هو كالتالي : عِدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : قول الله عزوجل : «فاصبر كما صبر أُولوا العزم من الرسل» فقال : نوح وإبراهيم و ....
وأمّا سند الصدوق فهو : حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال : حدثنا محمد بن سعيد الكوفي الهمداني قال : حدّثنا علي بن الحسن بن علي بن فضّال ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام ، قال: «إنّما سمّي أُولو العزم ، لأنّهم كانوا أصحاب العزائم والشرائع ...».
(٢). الزخرف : ٦٣.
(٣). آل عمران : ٥٠.