ففي هذه الأوقات نشاهد نهضة قوية ، وقفزة نوعية ، واندفاعة شديدة في الشعور الديني حتّى عند أُولئك الذين كانوا قبل تلك الفترة غير مكترثين بالدين وقضايا الإيمان.
ويبلغ الشعور الديني ذروته في سن السادسة عشرة حسب نظرية «استانلي هال».
وإذا ما أردنا أن نطرح هذا الموضوع بصورة مضغوطة ومختصرة نرى أنّ هذا الشعور ينطلق من شخصية الشاب الذي يخضع لمجموعة من المؤثرات المختلفة ، والتي تسمح له لكشف علّة وجوده وحصرها في الله تعالى.
إنّ ظهور «الميل المفاجئ» إلى الدين وإلى الله ومسائل الإيمان دون تعليم أو توجيه لهو أحد الدلائل القاطعة على فطرية هذا الأمر ، وكون هذا الإحساس يظهر فطرياً شأن بقية الأحاسيس الإنسانية الفطرية الأُخرى ، وانّ هذه الأحاسيس تظهر في سنين خاصة من عمر الشباب ، ولكن علينا أن لا نغفل عن نقطة مهمة جدّاً ، وهي : انّ هذا الإحساس ، وكذا بقية الأحاسيس والمشاعر الإنسانية لو لم تحظ بالمراقبة الصحيحة والرعاية اللازمة يمكن ـ بل من المحتم ـ أن تعتريها سلسلة من الانحرافات والتقلّبات.
وعند ما نجد «الشعور الديني» منتشراً وسائداً في كلّ مكان من العالم ، وفي كلّ عصر من عصور التاريخ البشري ، فمن البديهي أنّنا نستنتج أنّ هذا الشعور نداء باطني فطري لا محرك له سوى الفطرة ، لأنّه لو كان للظروف الجغرافية أو العوامل الأُخرى دخل في انتشار هذا الشعور ، لوجب أن يوجد في مكان دون مكان ، ولدى شعب دون شعب ، ولدى طبقة خاصة من الناس ممّن تتوفّر لديهم الظروف الجغرافية أو السياسية أو الاقتصادية الخاصة ، في حين