أن تصل إلى درجة القدرة الإلهية ، وذلك الإنسان يعجز عن الإتيان بتلك الأُمور الخارجة عن قدرته.
وأمّا إذا كان طلبهم منه تلك الأُمور باعتبار كونه نبياً ورسولاً ، فكذلك طلبهم باطل وغير صحيح ، وذلك لأنّ النبي لا يعدو عن كونه مأموراً فما يأمر به الله يمتثله وما ينهى عنه ينتهي عنه ويتركه وليس للنبي الحرية والإرادة المطلقة والاختيار الكامل والمستقل أمام الإرادة الإلهية بحيث يفعل ما يشاء متى يشاء ، بل إرادته تابعة لإرادة الله سبحانه.
والخلاصة : أنّ الإتيان بالمعجزة لا يقع تحت اختيار وإرادة الرسول بحيث متى ما شاء هو أو طلب الناس منه الإتيان بالمعجزة يأتي بها بلا فصل ، بل النبي في الواقع ينطلق ويتحرك في ظلّ الإرادة الإلهية وتبعاً لها ولا يخرج عنها أبداً كما لا يمكن للناس أن تحدد للنبي تكليفه في الفعل أو الترك ، بل تكليفه نابع من الأمر الإلهي فقط. ولا فرق في ذلك بين النبي الأكرم محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين سائر الأنبياء ، ويمكننا الاستدلال على هذا الأمر بآيتين من الذكر الحكيم هما قوله سبحانه :
(... وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ ...). (١)
وقوله عزّ شأنه : (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ). (٢)
ولا ريب أنّ الإرادة الإلهية الحكيمة والإذن بالإتيان بالمعجزة غير متوفرين دائماً مهما كانت الشروط ، بل للمعجزة شروطها الخاصة بحيث متى ما توفّرت تلك الشروط يأتي الإذن الإلهي. من هذا المنطلق نرى أنّ الآيات النافية لطلب المعجزة
__________________
(١). الرعد : ٢٨.
(٢). غافر : ٧٨.