ولقد ردّ القرآن الكريم على ذلك الطلب بجملتين هما :
١. (سُبْحانَ رَبِّي) أي تنزّه ربّي ، فقد ردّ سبحانه في هذه الجملة على طلب الرؤيا والمشاهدة الذي طلبوه من النبي ، وكذلك ردّ على طلبهم ما ينافي هدف الرسالة من إسقاط السماء على رءوسهم ، وردّ أيضاً على طلبهم بعض الأُمور التي تكون من قبيل الأُمور اللغوية التي لا تجدي نفعاً في هداية الناس وإرشادهم ، ولذلك طلب سبحانه من نبيه أن ينزّهه عن كلّ واحد من تلك الأُمور المذكورة.
٢. جملة : (... هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) فإنّها على خلاف اعتقاد المستدل ، لأنّ النبي الأكرم لم يُشر إلى عجزه ولم يعرّف نفسه بأنّه عاجز ، بل أنّ جملة (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) تشير إلى معنى آخر ، وهو أنّ مقام النبي مقام المأمور والمطيع للأمر الإلهي لا غير ، وانّه ينفذ إرادة الله سبحانه كلّما شاء الله ذلك ، وأمّا الأعمال والأفعال فإنّها بيد الله سبحانه وليس باستطاعة النبي التسليم مقابل كلّ ما يطلب منه من دون انتظار الإذن الإلهي.
وبعبارة أُخرى : انّ الآية في مقام الجواب ـ بعد تنزيه الله ـ قد ركّزت على كلمتي «بشر» و «رسول» والهدف من ذلك أنّ الرسول الأكرم أراد أن يبيّن لهم خطأ تفكيرهم وعدم صحّة طلبهم ، وذلك بالبيان التالي :
إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كشف لهم أنّ طلبهم منه تلك الأُمور الخارقة للعادة لا يخرج عن حالتين :
إمّا أنّهم يطلبون منه ذلك باعتبار كونه بشراً مثلهم ، وقد ردّ عليهم صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّ ـ وبلا ريب ـ طلبهم هذا باطل ، لأنّ تلك الأُمور التي أرادوها تحتاج إلى قدرة إلهية تستطيع القيام بها ، ولا شكّ أنّ قدرة الإنسان العادي مهما كان مقامه لا يمكن