لَهُ مِنْ مُضِلٍّ ...). (١)
٣. ويقول سبحانه أيضاً : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ* وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ). (٢)
ومن خلال ضمّ هذه الآيات بعضها إلى بعض نستطيع التوصل إلى عصمة الأنبياء ، لأنّ الآية الأُولى وبحكم مفاد جملة : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ) تدلّ على أنّ الأنبياء مهديّون بهداية الله سبحانه على وجه يوجب الاقتداء بهم واتّخاذهم أُسوة.
وفي الآية الثانية نرى أنّ جملة : (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ) تدلّ على أنّ من شملته الهداية الإلهية لا يضلّ ولا مضلَّ له ، وأمّا الآية الثالثة فانّها تصرح بأنّ العصيان نفس الضلالة أو مقارن وملازم لها حيث تقول : (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً) وما كانت ضلالتهم إلّا لأجل عصيانهم ومخالفتهم لأوامره ونواهيه.
وبالالتفات لهذه المضامين الثلاثة يمكن وبوضوح استنباط عصمة الأنبياء ، وذلك إذا كان الأنبياء مهديّين بهداية الله سبحانه ، ومن جانب آخر لا يتطرق الضلال إلى من هداه الله ، ومن جانب ثالث إذا كانت كلّ معصية ضلالة يستنتج انّ من لا تتطرق إليه الضلالة لا يتطرق إليه العصيان.
وإذا أردنا أن نفرغ مفاد هذه الآيات في قالب الأشكال المنطقية نقول :
كلّ معصية وذنب ضلالة وانحراف.
__________________
(١). الزمر : ٣٦ ـ ٣٧.
(٢). يس : ٦٠ ـ ٦٢.