إنّ هذه الآية وبالالتفات إلى الأرضية السابقة تفيدنا انّه يجب الاقتداء بأقوال الأنبياء وأفعالهم وانّه إذا كان قول النبيّ حجّة وجديراً بالاتّباع ، فإنّه وبلا شكّ تكون أفعاله كذلك.
وكلّما كان عمل الأنبياء مطابقاً لما جاءوا به من نظام إلهي لا يكون الاقتداء بهم خالياً من الإشكال فحسب ، بل يكون لائقاً بالاقتداء والتبعية.
وأمّا إذا اعتقدنا أنّ هؤلاء الأنبياء غير معصومين عن الخطأ وجوزنا عليهم الوقوع في الخطأ وارتكاب الذنب عن قصد أو غير قصد ، ففي هذه الصورة سنواجه مشكلة أساسية وهي : انّنا وبموجب هذه الآية مأمورون بوجوب اتّباعهم والاقتداء بهم ، والعمل طبقاً لمنهجهم هذا من جهة.
ومن جهة ثانية باعتبار كون عملهم مخالفاً للقوانين الإلهية يجب علينا مخالفتهم وعدم الاقتداء بهم ، لأنّ الصادر منهم أمر منكر يحرم الاقتداء به واتّباعه وتجب مخالفته ، وحينئذٍ يقع المكلّف في حيرة ، لأنّه في الواقع من قبيل الأمر بالمتناقضين.
وهذا التكليف محال قطعاً ، وهذا يكشف لنا أنّ الأمر الوارد في الآية السابقة الدالّ على إطاعة النبي مطلقاً انّ النبيّ معصوم عن الوقوع في الخطأ والانحراف وارتكاب الذنب ، وهذا هو معنى العصمة.
الطائفة الخامسة
إنّ هناك طائفة من الآيات تحث المسلمين على الاقتداء بالنبي الأكرم وقبول دعوته من دون قيد أو شرط ، وهذا النوع من الآيات يشهد على عصمته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وها نحن نذكر هذه الآيات ونوضح دلالتها قال تعالى :