سبحانه.
إنّ الإنسان المعصوم وبسبب معرفته القصوى بمعدن الكمال المطلق وجماله وجلاله يجد في نفسه انجذاباً نحو الحقّ وتعلّقاً خاصاً به بحيث لا يستبدل برضاه شيئاً ، وهذا الكمال المطلق يؤجج في نفسه نيران الشوق والمحبة ويدفعه إلى أن لا يبتغي سواه ، ولا يطلب سوى إطاعة أمره وامتثال نهيه ، ويصبح كلّ ما يخالف أمره ورضاه منفوراً لديه وقبيحاً في نظره أشدّ القبح وعندئذٍ يصبح هذا الإنسان مصوناً عن المخالفة بعيداً عن المعصية بحيث لا يؤثر على رضاه شيئاً وإلى ذلك يشير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام بقوله :
«ما عَبَدْتُكَ خَوْفاً مِنْ نارِكَ وَلا طَمَعاً فِي جَنَّتِكَ بَلْ وَجَدْتُكَ أَهْلاً لِلْعِبادَةِ». (١)
وعلى هذا الأساس سواء قلنا : إنّ العصمة معلولة للكمال النفساني والروحي للمعصوم ، أو إنّها نتيجة العلم القطعي الذي لا يغلب ، أو إنّها استشعار المعصوم بعظمة الرب ، فعلى كلّ حال تكون العصمة غير خارجة عن ذات الإنسان الكامل ، بل هي قوّة في النفس تعصم الإنسان عن الوقوع في مخالفة الرب سبحانه ، ولكن هناك بعض الروايات تصرّح بأنّ العصمة نتيجة لأمر خارجي يطلق عليه «روح القدس» يعصم الأولياء من ارتكاب الخطأ ، وهذا ما سنبحثه في مكان آخر.
__________________
(١). عوالي اللآلي : ١ / ٤٠٤.