لأنّهم قد نسبوا إلى أنبيائهم الكثير من المعاصي حتّى أنّ العهد القديم يذكر من ذنوب الأنبياء ـ عندهم ـ ما يصل بعضها إلى حدّ الكبائر!
كما أنّ علماء النصارى وإن كانوا ينزّهون السيد المسيح من كلّ عيب وشين ولكنّ تنزيههم هذا لا ينطلق من رؤيتهم للمسيح على أساس كونه بشراً أُرسل لتعليم الناس وإنقاذهم ، بل ينطلقون في ذلك التنزيه من فكرة مفادها انّ المسيح هو «الإله المتجسد» أو هو ثالث ثلاثة ، وعند ذلك لا يمكن أن يكون المسيحيون مبدعين لهذه المسألة في الأبحاث الكلامية ، لأنّ موضوعها الإنسان المرسل وهم يرون أنّ السيد المسيح فوق العنصر البشري.
ثمّ إنّ بعض المستشرقين قد أدلى بدلوه في هذا الصدد وحاول الخوض لتفسير منشأ العصمة ، منهم : «المستشرق رونالدسن» في كتابه «عقيدة الشيعة» حيث اعتبر انّ الفكرة وليدة العقل والذهنية الشيعية ، فقال : إنّ فكرة عصمة الأنبياء في الإسلام مدينة في أصلها ، وأهميتها التي بلغتها بعدئذٍ إلى تطور «علم الكلام» عند الشيعة ، وأنّهم أوّل من تطرق إلى بحث هذه العقيدة ووصف بها أئمتهم ويعلّل «رونالدسن» ذلك بأنّ الشيعة لكي يثبتوا دعوى الأئمّة ـ وأحقيّتهم ـ تجاه الخلفاء السنيّين أظهروا عقيدة عصمة الرسل بوصفهم أئمة أو هداة. (١)
وهذا الرأي يذهب إليه المستشرق اليهودي «جُلد تسيهر» صاحب كتاب «العقيدة والشريعة».
إنّ نظرة تحليلية إلى تاريخ ذلك المفهوم والمصادر الإسلامية «الكتاب والسنّة» تبيّن لنا وهن هذا التحليل وركاكته وأنّه لا يبتني على أُسس علمية
__________________
(١). عقيدة الشيعة : ٣٢٨ ؛ العقيدة والشريعة : ١٨٠.