وما ورد أنّ آصف بن برخيا وزير سليمان دعا بما عنده من حروف اسم الله الأعظم فأحضر عرش ملكة سبأ عند سليمان عليهالسلام في أقلّ من طرفة عين ، وما ورد أنّ اسم الله الأعظم على ثلاث وسبعين حرفاً قسّم الله بين أنبيائه ٧٢ منها واستأثر بواحد منها عنده في علم الغيب.
ولكن البحوث العلمية تردُّ تلك النظرية فأنّ البحث الحقيقي في العلّة والمعلول وخواصها يدفع ذلك كلّه ، فأنّ التأثير الحقيقي يدور مدار وجود الأشياء في قوته وضعفه والمسانخة بين المؤثر والمتأثر ، والاسم اللفظي إذا اعتبرنا من جهة خصوص لفظه كان مجموعة أصوات مسموعة هي من الكيفيات العرضية (مقولة الكيف المسموع) ، وإذا اعتبر من جهة معناه المتصوّر كان صورة ذهنية ، وعلى كلّ حال من المستحيل أن يكون صوت أوجدناه من طريق الحنجرة ، أو صورة خيالية نصوّرها في ذهننا تمتلك تلك القوة والقدرة بحيث يقهر بوجوده وجود كلّ شيء ويتصرّف فيه ، في الوقت الذي يكون هو ـ الاسم الأعظم ـ في نفسه معلولاً لإرادة وذهن الإنسان.
وعلى هذا الأساس الأسماء الإلهية واسمه الأعظم خاصة وإن كانت مؤثرة في عالم الخلق ، لكنّها أنّما تؤثر بحقائقها لا بالألفاظ الدالّة عليها ، ولا بمعانيها المفهومة من ألفاظها المتصوّرة في الأذهان ، وبالطبع لا بدّ من القول أنّ المؤثر والفاعل الموجد لكلّ شيء هو الله سبحانه بما له من الصفة الكريمة المناسبة له التي يحويها الاسم المناسب ، لا تأثير اللفظ أو صورة مفهومه في الذهن.
من جهة أُخرى أنّ الله سبحانه وعد إجابة دعوة من دعاه ، كما في قوله : (... أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ ...). (١)
__________________
(١). البقرة : ١٨٦.