(أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ). (١)
وهذا الخطاب يكشف انّ النهي الذي كان موجهاً إليهما ينطوي على تلك العاقبة التي ينبغي لهما التحرز منها وعدم الوقوع فيها ، ولكنّهما حينما ارتكبا الفعل وظهرت لهما نتيجة ذلك العمل جاء النداء الناصح والمشفق من قبله سبحانه مذكراً لهما بالنصيحة التي قد أولاهما إيّاها ، فقال سبحانه : (أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ ...).
٤. إنّ القرآن الكريم حينما يذكر لنا مصير آدم وحواء وخروجهما من الجنة يصف ذلك بقوله :
(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ ...). (٢)
من مجموع هذه القرائن وغيرها الموجودة في الآيات الواردة حول قصة آدم عليهالسلام يتّضح جليّاً انّ النهي في هذا المقام كان نهياً إرشادياً لا مولوياً ، وكان الهدف إبقاء آدم عليهالسلام بعيداً عن عوامل الشقاء والتعب. أمّا محاولة اعتبار ذلك النهي ، نهياً مولوياً تنزيهياً (كراهتي) فلا تنسجم مع التأكيدات الواردة في الآية.
كما أنّ هناك محاولة أُخرى لإثبات انّ هذه المخالفة لا يمكن أن تُعدَّ معصية ، وذلك بالتوجيه التالي : انّ جزاء المخالفة للنهي المولوي التكليفي يتبدّل بالتوبة إذا قُبِلت ، ولم يتبدّل في موردهما فإنّهما تابا وقُبلت توبتهما ولم يرجعا إلى ما كانا فيه من الجنة ، ولو لا انّ التكليف إرشادي لاستلزم قبول التوبة رجوعهما إلى ما كانا فيه من مقام القرب. (٣)
__________________
(١). الأعراف : ٢٢.
(٢). البقرة : ٣٦.
(٣). الميزان : ١ / ١٣١ ، مؤسسة إسماعيليان.